التراكتور …!!

مقال الاثنين 16-11-2015
النص الأصلي
أنت أيضاَ تستطيع ان تعرف إلى أين تتجه الدولة بعيداً عن ارقام الموازنة وحجم العجز ونسب التضخم والنمو وارقام الاقتصاديين و”غمغمات” السياسيين..فقط قف وانظر من شباك نافذتك الى الشارع تستطيع ان تعرف الى اين تسير الدولة…
في سبعينات القرن الماضي..كانت “التراكتورات” هي الأكثر انتشاراً في شوارع المدن والقرى الأردنية كان لصوتها المميز فرح خاص يولد مرتين في اليوم بعد الفجر وعند الغروب ..أعوادها تحمل شيئاً من تراب السهل وشوك الصيف وأكياس البذار الفارغة..فتعرف أننا دولة زراعية بامتياز ،ما زال التراكتور فيها هو “مِعوَل” الدولة و”مُعيلها”..
في الثمانينات..بدأت تستحوذ الشاحنات على حصة التراكتورات في الطريق ، ففتح النقل الى العراق والخليج ومصر وليبيا…فمن كان لديه تراكتور باعه وباع الأرض التي كان يخدمها ،واقتنى “تريلا”.. فعرفنا آنذاك أننا صرنا دولة تجارية بلا تجاره وزراعية بلا زراعة ..صحيح أن ما نقوم به مربح في الظاهر لكن بلا رأس مال واضح…
في التسعينات وبعد حرب الخليج الثانية…توقفت حركة النقل الى الخليج والعراق بسبب الحصار ..فبيعت الشاحنات المتعطلّة واشترى بثمنها مرسيدسات “بطّة”.. فعرفنا أن الدولة مثل الأفراد ذاهبة الى خيار التضحية برأس المال للعيش اليومي والنصف الآخر “للتشخيص” …في الألفينات…بيع ما تبقى من الأراضي ورهنت البيوت وانتشرت سيارات “الفور ويل” الخاصة “بالجخة” انها “رأسمالنا الجديد”… وهنا تستطيع أن تصل الى نتيجة مفادها ان الدولة هي الأخرى باعت كل المؤسسات الناجحة والمشاريع الوطنية واشترت بثمنها “الجخة” التي لا تطعم خبزاً ، وانما مقلباً محشواً بالمظاهر الفارغة…
**
كم أشتاق الى دخان “التراكتور” العائد للتو من “الحماري”، يمتطيه ختيار يرتدي “فلدة عسكرية قديمة” وشماغ مبلل بالمطر الناعم ، كم اشتاق لصوت “الفولفو” الأجش المحشو بالخشونة والحكمة مثل “ختيارية زمان”، حيث لا يعني سائقه الغماز ، ولا الرخصة ولا الضوء الأمامي ولا أولوية المرور…هو الأرض بحمرتها بقمحها وشوكها تمشي على الشارع…هو الأب البرّي الذي يسطر الارض نهاراً بأبجدية الأكتفاء ..ويعود مساء راضياً دافئاً حنوناً ككل الآباء …

يا الهي شو ذبحتنا “الجخة”..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. الحق على علي .. باع الجمل بما حمل مثل ما قالت له سميرة توفيق واشترى مهر لها .. ترى الجمل كان بيجيب مهرين مع فرس بس علي ما أشرف على البيعة لذلك الكموسيونجي ناله من الطيب نصيب
    عاد لو علي اشترى تراكتور بدل المهر كان هسّع مكفي سميرة توفيق والاولاد قمح وذرة وشعير وفوقها معه راسمال من اجرة الحراثة للجيران .. الحق على علي وسميرة توفيق

  2. الراعي الصغير

    انك قد طرقت باب القلب والعقل,, (ونبشت ) ذكريات ذهبت ,, اخخخخخخخخخخخخخخخ عليك يا ابو الزعبي لما تتجلى بالدمار الشامل في كتابتك

  3. يا اخي وجعت قلبي ,, لكن في ناس لا عندها اراضي تزرعها ,, ولا بعتها ولا اشترت تريلا , وما باعت التريلا لكن باالاخر اشترت كيا سيفيا 1995 تقسيط ,,, هذا شو حاله

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى