الأردن والسياسات الجديدة / أحمد فخري العزام

الأردن والسياسات الجديدة في معركة البقاء

أصبحنا نلاحظ الوضوح و الصراحة في سياسة العالم كامل في كثير من العواصم دون تكلف و تملق أو أي نوع من الدبلوماسية والمحاباة في إعلان القرارات و تطبيقها ، هذه الجرأة الغير مسبوقة بالذات في عواصم الدول العربية جاءت بدعم من ترامب الرئيس الواضح و الأكثر وقاحة و الأقل احتراماً لما تبقى من مشاعر الشعوب ، هذا الرئيس الذي جاء ليحكم واحدة من أقوى دول العالم في الوقت الذي نجحت فيه سياسة سلفه و حلفائهم من العرب بتشويه مبادئ الشعوب التي انشغلت عن القيم و الموروث النظيف الذي كان لديهم من أجل لقمة عيش حاربتهم بها على مر أكثر من ستة عقود …
ترامب لم يكن أرعناً في قراره الغير منفرد ولكنه الاكثر اطمئناناً لحظة إعلانه ، فلا العرب عرباً و لا الدين جامعهم و لا المصير مشترك …
السياسة الأمريكية سئمت محاباة الشعوب العربية و آن الأوان لإنهاء مهاترات العرب في قضية الأرض المغتصبة ، صفقة القرن مشروع قديم جداً و يجب طي هذه الصفحة بعد أن انهار كل ما لدى العرب من امكانيات من الممكن أن تساهم و لو للحظة في التمرد على المغتصب ، فأرض العرب اليوم جرداء و جيوشهم المهزومة مرهقة من ألم الحروب أما نفطهم مسلوب وما تبقى من الموروث الاجتماعي و الديني و الأخلاقي فقد ضاع بين كثبان الرمل و على أرصفة الموانىء المثقلة بطعامهم و لباسهم القادم من الغرب …
في صفقة القرن يلوح ترامب بحلول وقت تنفيذ إعلان الوطن البديل للشعب الفلسطيني في الأردن أنه قد حان ..
بعض الدول المجاورة للأردن أصبحت تعلن دعمها لذلك و تقترح توطين الفلسطينيون حيث مكان إقامتهم… الأردن بشعبه القومي بالفطرة هو الأكثر تمسكاً بمبادئه و احتراما لشعب فلسطين العربية.. و هو صاحب الصدر الرحب لهم دائما … شعب الأردن و فلسطين العربيين وحدهما من بين كل العرب من تجد عندهم كل معاني الإخاء و التضحية مازالت تقطر مع الدماء . ولكن لا يعني ذلك أن يقبل ابن الكرك و اربد أن تحل مدينته مكان بيسان و الخليل .. و لا يعني أن يقبل ابن نابلس أن يستبدلها بالسلط و يلغي جذوره هناك … و لا يعني أن ينسى الأردني تاريخ أباه و جده في حيفا و القدس … و لن تنسى الأم الفلسطينية رائحة المسك الفواحة من جسد ولدها الذي استشهد على ثرى فلسطين العربية …
فكرة صفقة القرن تحتاج لعزم و صبر و إيجاد حلول سياسية واجتماعية واقتصادية واعية لتتحول لصفعة على وجه ترامب و الصهاينة و الرعاة من العرب ..
الهاشميّون يعون جيدا واجبهم تجاه المقدسات و الأرض العربية ..

أما السياسيون في الأردن نريدهم أن ينتبهوا للوضع الجديد كثيرا لأن تركيا تسعى بكل الوسائل الاقتصادية و السياسية المتاحة لها لاستعادة نفوذها في الفضاء السابق للدولة العثمانية و لا نريد أن تكون بوابتهم الكبيرة في عمّان كما يحاولون أن تكون في الدوحة بوابتهم الأخرى … و إيران التي لم تمل من عرض تحالفها معكم ليست أمينة على عروبتكم و لو للحظة
يا سياسيو الأردن …
الحل أولا يبدأ بخلق توازن اقتصادي حقيقي في البلاد و الحذر من الانفتاح في التحالفات الجديدة …
أيها السياسيون في الأردن أشبعوا الشعب ليستطيع تحمل القادم معكم فأنتم و الشعب معاً أركان البيت الهاشمي في عمّان …
تعلموا من أخطاء سابقة في السياسة عندما تخلى عنكم كل العرب و اضطرت الأردن لتوقع اتفاقية سلام في وادي عربة لم يلتزم بني صهيون بها و لو للحظة …
لقمة عيش المواطن أول أسباب الصمود … الملك لن يتنازل عن مبادئه و لا عن عمّان و لا القدس .. ولكن لا تتركوه يحارب من أجل الشعب في الخارج و أنتم تحاربون سنده و عزوته في الداخل …
الأردن اليوم وحيد في معركة البقاء و يجب عليكم الحفاظ عليه …

اغادير / المغرب

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى