إالإدارة العامة الأردنية:ما يفعله الحراث يطيب للمعلم

إالإدارة العامة الأردنية:ما يفعله الحراث يطيب للمعلم

البروفيسور أنيس الخصاونة

هو مثل شعبي قديم مفاده أن الأداء الفقير والنشاز الذي يقوم به #الموظف أو الأجير قد يسعد #صاحب #العمل أو #المسؤول أو ولي الأمر ، وأن تقييم مدى جدارة الأداء يعتمد على معايير الرئيس أو المسئول وليس بالضرورة على تقييم ورضى الرعية. أحد رؤساء #الحكومات السابقين كان يستمع لأحد أقربائه عن الامتعاض من تعيين شخص في موقع متقدم من المسئولية رغم أن هذا الشخص مدمن كحول و”نسونجي” وغير جاد بالعمل وليس لديه #المصداقية وغير ذلك من الصفات السيئة فما كان من رئيس الحكومة السابق إلا أن رد على هذا الوصف بان قال “هذا هو المطلوب تماما” .رئيس وزراء سابق آخر يعين ابنه سفيرا ويعين صهرة في موقع متقدم دون أن يندى له جبين.. ومن ضمن نادي #رؤساء #الوزراء السابقين يقوم صاحب الدولة بتعببن ابنه وزوجة ابنه بمواقع متقدمه ورواتب خيالية دون وجه حق…يا ترى إذا كانت الامور تتم بهذه الطريقة فعلينا أن لا نصاب بالدهشة والاستغراب عندما نجد من يمعن بالنفاق للمسئولين ولأولي الأمر على اعتبار أن ما يفعله الحراث ليس بالضرورة أن تستحسنه الرعية ما دام أنه يطيب للمعلم.
كم سمعنا من كلام وانتقادات وإخفاقات في سياستنا الخارجية والداخلية والتعليمية والجامعية والتعسف الذي يمارسه بعض الوزراء والمسئولين في الخارجية والداخلية والتخطيط والمالية ورؤساء الجامعات ورؤساء مجالس الإدارة والأمناء ولكن تلك الانتقادات لم تسبب اي إزعاج للمسئولين الذين على ما يبدوا أنهم حريصون على إرضاء رؤسائهم وأولي الأمر علو وجه الخصوص.نعم انه بسبب ضعف تأثير الانتقادات والإخفاقات في أداء هؤلاء المسئولين واستمراريتهم في وظائفهم فإن هؤلاء المسئولين لم يعودوا يأبهون لما يكتب أو يقال عن أدائهم وممارساتهم ما دام أن المعلم راضي عنهم فوجودهم واستمرارهم في عملهم في المحصلة يرتهن برضى المعلم وليس بمحاسبة الرعية. ولعلنا نشير هنا إلى أن هذا هو الفارق الحقيقي بين الدول الديمقراطية الحقة وبين الدول التي تتظاهر وتستعرض بالديمقراطية الزائفة. لم أشعر يوما بأن وزير الخارجية على سبيل المثال قد أظهر أي اكتراث لللانتقادات الموجهة لوزارته بسبب ارتباطاته مع ولي الأمر الذي يرى في معالبه غير ما يرى فيه عامة الاردنيين. وحتى لا يقال أننا نستهدف وزارة بعينها فإن ذات الأمر ينطبق على كثير من الوزارات الأخرى وعلى رؤساء الجامعات والأمناء العامين .
الخلل الرئيس ومربط الفرس في التعيينات غير العادلة ،وغياب الشفافية والمحاسبة ، وتعاظم سلطة ونفوذ بعض القيادات الفاشلة واستمراريتها في المواقع القيادية يكمن في المثل الشعبي الذي جعلناه عنوانا لمقالتنا هذه “ما يفعله الحراث يطيب للمعلم” . رئيس وزراء آخر يمالئ ولي الأمر لأنه يدرك أن منصبه وشرعيته وقوته يستمدها من المعلم وليس من الشعب ومن الدوائر الانتخابية .الوزراء والسفراء والمدراء ورؤساء الجامعات كل منهم يمالئ معلمه الذي هو في المحصلة النهائية يطيب له ما يفعله هؤلاء الحراثين .لن يتغير حال الاردن ما دمنا نتمثل قاعدة ما يعمله الحراث يطيب للمعلم فالدول لا تبنى على قاعدة الاستبداد والتفرد بالسلطة وعلى الطريقة الفرعونية “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد “.المعلم الذي نتحدث عنه هو ليس منزها عن الأخطاء والأهواء والمزاج والحب والكره والاعتلال وسوء التقدير وينبغي أن تكون أحكامه وصلاته وصلاحياته محكومة بضوابط تستمد شرعيتها من توزع السلطات وعدم احتكارها أو تركزها في يد شخص أو جهة أو مؤسسة واحدة. نعم إنها قاعدة دستورية في كل الانظمة السياسية الديمقراطية بما فيها النظام السياسي الأردني وهي أن الشعب مصدر السلطات وأن السلطات السياسية ينبغي أن تكون السلطة موزعة على عدة مؤسسات للحيلولة دون أن يصبح الجميع يرنوا إلى المعلم أو القائد ويفعلون كل ما بوسعهم لإرضائه وليس إرضاء الرعية….

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى