لن تحل المشكلة بهذه الطريقة / سلامة الدرعاوي

لن تحل المشكلة بهذه الطريقة

حكومة الملقي في وضع لا تحسد عليه؛ سواء أكان تجاه النواب أم من الشارع، فحالة الاستياء العام تزداد يوما بعد يوم، ومع إعلان الحكومة نيتها رفع الأسعار وزيادة الضرائب على عدد من السلع والخدمات، فإن المشهد العام للعلاقة بين مؤسسات الدولة والشارع تنحدر للأسفل وبشكل متسارع.
اقتصاديا؛ الحكومة دخلت في نفق مظلم بعد أن استملت ميزانية عاجزة عن النمو ومثقلة بديون تناهز الـ26.3 مليار دينار، وعجز يزيد على الملياري دينار قبل المساعدات التي باتت هي الاخرى المتنفس الوحيد للاقتصاد الوطني لمواجهة حالة الحصار الحدودي المفروضة قسرا على الاردن.
توجهات الحكومة بزيادة الضريبة الخاصة على المحروقات ورفع ضريبة المبيعات الى 16 بالمائة على اكثر من 200 سلعة ضريبتها الحالية بين 4-8 بالمائة لجمع ما يقارب 450 مليون دينار لن يكون الحل الامثل لمعالجة الاختلالات المالية التي تعاني منها الخزينة، ولو كان هذا الإجراء سليما لحلت مشكلة الميزانية منذ اعوام.
يجب علينا جميعا ان نتذكر ان جميع الحكومات السابقة قامت بنفس الاجراء، ورفعت الاسعار وألغت الدعم وزادت الضرائب وبقيت المشكلة على حالها؛ نمو في العجز والمديونية وارتفاع ملحوظ في النفقات وتراجع في معدلات النمو.
طبعا الحكومة ستضمن تقريبا كامل تحصيلاتها المقدرة من فرض سبعة قروش على كل لتر من المحروقات، فهذه سلع غير مرنة، أي الطلب عليها معروف مسبقا وسهل تقديره، فالحاجة اساسية على هذه السلعة الحيوية، ومهما ارتفعت فالطلب سيحافظ على وتيرته إن لم يرتفع اساسا.
أما تقديرات الحكومة بالنسبة للتحصيلات المقدرة من فرض ضريبة 16 بالمائة على عدد من السلع، فإن هذا الامر محل شك حقيقي بسب ارتباط الطلب على هذه السلع بالدخل ونموه وتحسنه، أي أن ارتفاع أثمان هذه السلع سيوجب حتما تخفيض الطلب عليها، وهذا أمر اقتصادي بديهي، والحكومة تعرف ذلك جيدا بالنسبة لهذه السلع، لذلك لجأت إلى المحروقات.
في عام 2016 جميع تقديرات الحكومة فيما يتعلق بتقديرات ضريبة الدخل والمبيعات لم تتحقق، لا بل تراجعت بشكل كبير، وهو ناتج عن المعادلة الاقتصادية السابقة، رفع الاسعار على السلع في ظل ثبات الدخل يعني تراجع الطلب عليها.
في المحصلة، فإن الحكومة تتطلع الى تحصيل 450 مليون دينار في سنة 2017 كإيرادات جديدة للخزينة، وهذا الامر ضمن التزامات المملكة في اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وتوقعاتي انها ستصل الى هذا الرقم حتى ولو كان هناك استياء كبير في الشارع، فالآلية الراهنة المقترحة تضمن على المدى القصير تحقيق اهداف هذه الاجراءات، لكن التحدي الاكبر هو ما ستفعل الحكومة في العامين المقبلين؟.
في الاتفاق الأخير مع الصندوق؛ فإن الحكومة ملزمة بتحصيل 520 مليون دينار سنويا كإيرادات إضافية في كل من عامي 2018 و2019، فهل من المنطق أن تقوم العام المقبل بفرض رسوم مالية جديدة على المحروقات وزيادة الضرائب؟.
هذه الحلول لا تخدم الخزينة الا على المدى القصير فقط، أما على المديين المتوسط والبعيد؛ فإن هذه الاجراءات هي أشبه بترحيل الازمات، طالما بقي الاقتصاد أسيرا للرؤية التي تعتمد على جيوب المواطنين وايرادات القطاع الخاص، فالاساس ان تكون كل خطط واجراءات الحكومة تهدف اولا واخير الى تحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة على النهوض والتوسع في عملياتها الانتاجية واستعادة الثقة بالاسواق، حينها سيكون امام الخزينة فرصة كبيرة لتوفير ايرادات ناجمة عن نمو الدخل لا المشاركة في الايرادات كما هو حاصل الان.
Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى