أسماء عابرة للوظائف والتشريعات

أسماء عابرة للوظائف والتشريعات

م. عبد الكريم أبو زنيمة


عبر عقود من الزمن وأنا وكل الاردنيين نشاهد بعض الأسماء تتطاير من وظيفة إلى أخرى وعند شيخوختهم يورثونها لورثتهم، لكن الغريب في الامر ان هناك ادوار خفية لهؤلاء تتمثل في افشال المؤسسات التي يحطون عليها، فلو أخذنا قطاع الزراعة كحالة مراجعة لهذه الحالة نجد انه عندما أعلن الشهيد وصفي التل عزمه على تطوير هذا القطاع والنهوض به ليكون ذراعاً قوياً داعماً للاقتصاد الوطني، تم إنشاء مؤسسة التسويق الزراعي عام 1965 كأداة تحقق هذا الهدف، وكان من بين كوادرها بعض من هذه الاسماء ، وما هي الا بضع سنين حتى أفشلت هذه المؤسسة بسبب الفساد المالي والاداري ، تأسست على انقاضها المؤسسة الاردنية لتسويق المنتوجات الزراعية عام 1972 لتحقيق نفس الاهداف التي ارادها وصفي التل وبذات الوقت أعيد بعض من هذه الاسماء التي كانت سبباً في افشال المؤسسة الاولى ، أديرت هذه المؤسسة بنفس الذهنية السابقة وأفشلت لذات الاسباب ” الفساد المالي والاداري ” ، وعندما أخذت سلطة وادي الاردن على عاتقها عام 1980-1981 تسويق المنتوجات الزراعية أنتدبت ذات الاسماء لتتولى ادارة هذا المشروع الذي أدير قصداً بطريقة بدائية وعشوائية أدى الى نهب المال العام وزج بالكثير من المزارعين في السجون وجرت تبرئة غالبيتهم لاحقاً بعد أن قضوا اعواماً في السجون ، عام 1985 تأسست الشركة الاردنية لتصنيع وتسويق المنتوجات الزراعية التي آلت اليها المنشئات التي أسستها وتملكها سلطة وادي الاردن ” مصانع انتاج رب البندوره وخطوط تدريج الخضار ومصانع العبوات وغيرها ” ايضاً انتدبت بعض الاسماء لتكون في مواقع متقدمة في ادارة الشركة الجديدة وما هي الا سنوات حتى أفشلت الشركة لذات الاسباب ” فساد مالي واداري” وتم تصفيتها وبيع جميع ممتلكاتها مع جملة ما بيع من ممتلكات الدولة في زمن الخصخصة وما يتداوله الناس انه لغاية اليوم لم تدفع اثمانها، عام 1987 تأسست مؤسسة التسويق الزراعي وللامانة ان ادارتها كانت على درجة عالية من المهنية والنزاهة، لكن في تلك الفترة بدأ ظهور الازمة المالية والاقتصادية في الاردن ولم تحظى هذه الادارة بأي دعم حكومي وأفشلت وكان بنفس الوقت هناك هجمة مبرمجة شرسة على القطاع الزراعي ادت بنتيجتها الى رفع فاتورة الطاقة والمياه على القطاع ورفع كل اشكال الدعم عنه مما كان سبباً في معاناة القطاع حتى يومنا هذا .
كنت شاهداً في بداية ثمانينات القرن الماضي على ممارسات الفساد التي كانت أمتداداً للسنوات السابقة ، منها تعين المحاسيب برواتب عالية وتبذير المال العام على الحفلات والسهرات والسفرات بلا رقيب أو حسيب وتنفيع كبار المزارعين بشراء محاصيلهم وتصنيفها درجة اولى وهي بحقيقتها “برارة” حتى كان البعض منهم يشتري المحاصيل الرديئة من المزارعين ويبيعها للشركة كدرجة أولى ، وأغرب وأخطر اشكال الفساد الاداري انه تم تعيين أحد المحاسيب مع سيارة وسائق تقله من عمان الى الاغوار والعودة يومياً، والذي لم يكن يحمل اي شهادة ولا خبرة، مديراً لاكبر مجمع صناعي زراعي ليكون مسؤولاً عن مجموعة من المهندسين ومديرهم الذي يحمل شهادة الدكتوراة في الصناعات الغذائية ومصنف خبيراً عالمياً في مجاله وخبرته العملية تتجاوز ربع قرن مما اضطره لترك العمل وفصل مجموعة من المهندسين الذين أحتجوا على هذا الاجراء .
مثل هذه الاسماء العابرة للوظائف والتشريعات موجود في كل القطاعات ، هؤلاء ادوارهم ومهامهم تتمثل في إفشال الدوائر والمؤسسات التي يحطون عليها ، حتى التشريعات لا تنطبق عليهم اليوم ، فعمر 60 عاماً الذي يطبق على كل الاردنيين لا ينطبق عليهم ، فما ان يبلغ أحدهم هذا العمر حتى يحال على التقاعد صباحاً وفي المساء يصدر قرار بتعينه رئيساً لهيئة المديرين لهذه الشركة أو رئيساً لمجلس ادارتها أو مفوضاً عاماً لهذه الهيئة أو تلك ، هؤلاء يتشابهون في الكثير من المواصفات الشخصية لن اخوض فيها، لكن انجازاتهم هي الفشل والتفشيل، ويبقى السؤال الكبير: من هي الجهة الغامضة التي تقف خلفهم لتدمير كل ما هو وطني؟

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى