قيس سعيد…إنعطافة تاريخية !

قيس سعيد…إنعطافة تاريخية !
بسام الياسين

في سابقة،هي الاولى، في تاريخ العروبة،ـ نتمنى تكرارها في الاقطار العربية الاخرى ـ جرت انتخابات حرة نزيهة دون تلاعب اصابع خفية في صناديق الاقتراع، إكتسح فيها مرشح مستقل خصومه، واعتلى سدة الرئاسة داخل انظمة مستبدة ومعارضة متعددة الولاءات، متباينة المشارب الاستخباراتية…هو العصامي قيس سعيّد. تفوق على خصومه بفوارق مذهلة مع انه بلا سند حزبي، ولا دعم مخابراتي او ثقل عشائري. جرف مرشح التيار الاسلامي القوي عبد الفتاح مورو ، و اطاح برجل المال و الاعلام ” القروي ” . هزم مرشح الدولة العميقة وزير الدفاع السابق ” الزبيدي” ،و اسقط رئيس الوزراء السابق “الشاهد” المحسوب على النفط الخليجي.سره عند طهارة مالية وكرامة وطنية،و رهان على شباب مثقف علمّهم في الجامعة العفة عن مال الدولة ونكران الذات. الرهان الاخطر كان على شارع غاضب على من نهبوا ثروات تنوء بحملها بغال مخصية لتزداد قوة على قوة، بينما هم يعتاشون على الكفاف. كسب الرهان،و بزّ منافيسيه،لتعهده بالاطاحة بعتاولة الفساد وهدم قلاعهم واستعادت الاموال منهم لتمويل مشاريع الصحة والتعليم.

فهل قيس سعيد رجل التغيير و يحقق العدالة المفقودة ، وهو رجل القانون الذي لا يملك سوى ايمانه بقدرات شعبه ؟!. هل نراه يُلقي بسيف زين العابدين الذي يشخب ظُلماً ودماً في القمامة، ويُشهر سيف الدستور العصري ويستخدم الاسلحة القانونية في مواجهة الطغمة الشريرة التي لم تشبع سلطة و سرقة ؟! هل يسعدنا ان نرى شعب تونس العظيم،يرقص على انغام ابي القاسم الشابي :ـ اذا الشعب يوماً اراد الحياة / فلا بد ان يستجيب القدر ) ويحقق طموحاته بالحرية، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية،ويشفي صدورنا بمحاكمة كلَّ افاك اثيم،بان لا يستوزر ” حجاجاً ” عصرياً في وزارة الداخلية ولا بوقاً للنفخ في الاعلام ، ولا مجلس نواب صوري ، تتم هندسته على شكل بصمة. ما المانع ان يكون قيس بن سعيد رجل المرحلة وهو… ؟!.

رجل الطهارة والصرامة. سجله الشخصي ابيض كبياض حمام مكة المكرمة.يعيش في شقة مستأجرة ويملك سيارة قديمة مهترئة.اعلن فور فوزه ان زوجته القاضية والمستشارة القانونية ، لن تكون السيدة الاولى بل اسبغ اللقب على نساء تونس كافة.وهو ليس بائع احلام كما يدعي خصومه.فقرر سلفاً ان القرار بيد الشعب و الارادة الشعبية فوق البرلمان.بهذا اصبح المختلف عن سابقيه والمخالف لسياساتهم،و قدوة للشعوب المُبتلاة بزعمائها،وملوك طوائفها ،فما من احد من هؤلاء ، يتأسى بملك اشبيلة المعتمد بن عباد القائل :ـ ” واللهِ لأن ارعى الابل في صحراء المغرب ، خير لي من ان ارعى الخنازير في اوروبا ” .فهل نجاح قيس سيكون نهاية المهانة العربية،بعد تدمير العراق،وغياب سوريا،وإنهاك مصر و احوال باقي الدول الاخرى مزرية و اشد قتامة. اذاً،اين تكمن المشكلة ؟ !.

انها في النخب الفاسدة.فالشعوب العربية ” قرفت ” من انتهازية الساسة،كذبهم،فسادهم،تغيير جلودهم.فقيس سعيّد على ما نعتقد ونتمنى من طينة مغايرة لزعامات غير شرعية.كان مفتاحه للقلوب الكسيرة تواضعه،ثقافته،عروبته الاصيلة،اعلانه بشجاعة لعربان الردة :ـ كفى متاجرة بالقضية الفلسطينية،فالتطبيع خيانة ونحن في حالة حرب مع العدو الاسرائيلي.لا عجب في هذا الاعلان المناقض لسياسات الهرولة لاسرائيل .الرئيس قيس ، لا ينطق الا بلغة عربية فصحى ليس فيها عوج ذميم فيما تغلب الرطانة على معظم الزعماء العرب ، ولا ينافق مراكز القوى ولا يداهن رجال الاعمال النافذين فقال :ـ انا في صف الفقراء والبؤساء.فصار حقاً، زعيم حزب الشعب التونسي الاوحد دون عصا يهش بها على القطيع او جزرة يسترضي بها الصف الاول.فهل تنجح تجربته ويتركه الخونة،لكي يبني دولة الحلم وهو صاحب المقولة :ـ ” الاستعمار لا يأتي عبر الحدود بل عبر عملاء الداخل “. شخصياً يدي على قلبى.العملاء لن يتركوه لان العربان اصحاب سوابق في العمالة ضد الانظمة التقدمية،ناهيك عن الفرانكفونيين الذين يطالبون بتدريس المناهج باللغة الفرنسية وإحلالها بدل العربية ؟!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى