مجانين العظمة / د. محمد يوسف المومني

مجانين العظمة .. والفصام في الشخصية.. ونظرتهم لنا؟!
حدثت معي حكاية مضحكة.. إذ جاورت (فاسداً) من لحم ودم على مقعد الحافلة وأنا في طريق عودتي للمنزل, أعجبتني شخصيته.. والذي يبدوا عليه أنه أُضطر إضطراراً لركوب تلك الدابة معنا ، فمجرد ان جلس تعرفت على شخصيته… فهو احد اعضاء مجلس النواب السابقين وفيه نظر!! في الحقيقة أهتم بالتفكير في كثير من صور أشاهدها في مسرح الحياة اليومي، صورة الشخص رسخت في ذهني.. ما إن قدم الكنترول يطلب الاجرة بطريقة غريبة, اجاغك… اجاغك …اجاغك … يعني اجارك، تذكرت مباشرةً وأنا وسط تلك المشاهد حكاية ظلت أمي رحمها الله ترددها لنا بإستمرار لتحثنا على ذكر الله كثيراً وعلى أداء صلواتنا الخمس بإنتظام… تحكي أمي بلسان جارتنا (ام سالم) كان هناك كنترول في احد الحافلات القديمة فاجأه ملك الموت أثناء عمله ومناداته حاثاً الناس للركوب في مركبته ـ المهم والكلام لأمي أنه وفي أثناء ذلك وقع الكنترول… ومن فرط دهشته نزل السائق ليتبعه الركاب بفضولهم المألوف لمعرفة ما حصل : المهم إنه ورغم محاولاتهم تلقينه الشهادتين الا أن لسان الكنترول ظل عالقاً في جملتين لا أكثر : حرك حرك حرك عربي عربي عربي, تذكرت أمي وحكايتها, والشخص الذي يجلس بجواري ينظر بإمتعاض للكنترول الذي لم يعره أدني إنتباه بل ظل يردد مقولته الخالدة اجاغك..اجاغك ..اجاغك ، ضحكت من منظر سعادة النائب السابق الذي ما انفك عن النظر في كل ارجاء الحافلة لعل احد يتعرف عليه… ولمنظر الكنترول فهل يا ترى وبعد عمر طويل أتراه سيعمل بنصيحة ملقنيه ما أن يفاجئه ملك الموت أم سيسير في درب زميل مهنته صاحب مقولة عربي عربي عربي حرك حرك حرك!!! ما علينا نسرد الان مقالتنا:
لمن نقول؟ لمن نشتكي؟ وماذا نقول؟ وماذا نحكي؟ هل هم يفهمون؟ هل هم يدركون؟ هل هم متبصرون؟ هل هم مثلنا بشرا” ويملكون من الحواس خمساً؟ ام ان حواسهم اختزلت في الظلم والسرقة والفساد؟ اغتصبوا الامل وقهروا الفضيلة واستبسلوا بتقطيع اوصال الوطن تلذذوا باذلال الشعب واستعذبوا قرارات التآمر وفرض الممنوع قرار غباء في كل ممرات السلامة… انهم بارعون في صنع اطواق نيران الالم بارعون في خضرائهم السوداء في اطلاق شعارات الكذب والخداع والمساومة والنفاق هولاء هم ساسة الاردن الجدد كذابون منافقون سارقين اموال العباد… لصوص الاردن ساسة الاردن يقتلون ويبيعون الاردن يومياً ويذبحونه من الوريد الى الوريد بأسم الوطنية والولاء والانتماء والانسانية والاخلاق …الولاء والانتماء عندهم الغدر, والانسانية عندهم نهب اموال الشعب هذا أبسط مايقال عن سلطات الاردن اليوم, فهل تصدقون ان ساسته في يوم ما يرفعون الشعارات ويمجدون شخصا لانه قال لهم يجب أن توزع اموال الضرائب والمساعدات لخدمة الشعب.. وبعد كر وفر افلس الشعب وافلست الدولة فلا اموال ضرائب بقيت ولا اموال خصخصة سلمت ولا اموال قروض ومساعدات أثمرت .. أمام صمت الشعب المسكين انها مسارح بل أبسط مايقال عنها انها افلام كرتونية يجسدها ساسة الاردن في حق هذا الشعب الذبيح هولاء هم متسولون بارهابهم بظلمهم بفسادهم متسولون عاجزون.. انهم كوليرا الالم، انهم طاعون الديمقراطية ماذا يتمنون لنا؟ انهم اليوم يمتلكون مقدرات توزيع الالم وسرقة الامنيات وتشويهها, وهولاء يسيرون بالاردن نحو طريق مجهول بل انهم يسيرون بالاردن الى مثواه الاخير فهل رأيتم افسد واقبح منهم .. لصوص يتصارعون على الحكم والمناصب والكراسي يتكلمون بالزهد والتقوى واموالهم اغرقت البنوك ؟!! انه جنون العظمة… فهل وصلت امورهم الى هذا الحد…
هناك حقائق ودلائل تشير وبوضوح إلى أن جنون العظمة قد تصل بالمرء إلى حالة من الانفصام في الشخصية (الشيزوفرينيا) وبالتالي تقوده هذه الحالة إلى الهذيان والتخيل بأشياء لا وجود لها في الواقع, إنما في عقله وتخيلاته التي يصطنعها الجنون بالعظمة ، وعندما تصل حالة المريض لهذه المرحلة حيث يشعر ويحس أنه على درجة عالية من التيقن بما يشعر به سواء من أصوات تصدر وهو يسمعها أو أنه يمتلك ما لا يمتلكه الغير أو عندما يصرح بأشياء ليس لها وجود أصلا لا يشعر بالكذب أو الحرج أمام الناس لأنه تصورها من الحقائق المسلم بها ، كما يتصور المصاب بالانفصام أن لديه قدرات عالية لا يمتلكها الغير و أنه قادر على تحريك الواقع أو في بعض الحالات يشعر أنه دائما عرضة لمؤامرات ممن يحسدونه على ما هو عليه من مكانة عالية وأنه سريع في الكشف عنهم وعن دسائسهم ضده ، هذا المختصر البسيط عن الانفصام في الشخصية بالضبط ما يعاني منه ساستنا… فهل يا ترى يتعظون من كلامنا… وينطقون بالشهادتين قبل الموت؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى