في ذكرى وصفي / د . خالد غرايبة

(الذكرى الرابعة والاربعون لاستشهاده ١١/٢٨)
حدثني جدي رحمه الله أنه في منتصف الستينيات قرر عدد من وجهاء القرية الذهاب الى عمان ومقابلة رئيس الوزراء وصفي التل للشكوى عن تأخر وصول الكهرباء الى القرية بالرغم من وصولها الى احدى القرى المجاورة، حيث علموا أن وصفي قد خصص يوم الاثنين للأستماع الى مظالم المواطنين.
وقد حدثه من ذهبوا انه لدى وصولهم الى مبنى رئاسة الوزراء طُلِب منهم الجلوس في غرفة الانتظار مع مواطنين آخرين لهم مظالم والانتظار لحين وصول الرئيس للاستماع لهم.
وقال انهم انتظروا نحو الساعة حتى حضر وصفي، فبدأ مباشرة بالتحدث الى من يجلس في أول الغرفة حيث سلم عليه واستمع الى مظلمته وقوفا ثم انتقل الى الشخص الذي يليه وهكذا حتى وصل الى الشخص الذي يجلس بجانب وفد قريتنا وبدأ بالتحدث اليه على مسمع منهم. فيقول من سمع ان الرجل قال لوصفي، وقد بدا عليه الحزن، أنه تم اعتقال ابنه لأنه “سبَّ وصفي التل” وقد عرض لوصفي ورقة تبدو وكأنها صادرة من مركز امني تشير الى اعتقال ولده وانه يرجو من وصفي ان يطلق سراحه.
فيقول احد وجهاء القرية الذي كان واقفا بجانب ذلك الرجل أن ذلك اثار وصفي وبدا عليه التأثر وما كان منه الا ان اخذ تلك الورقة من الرجل وكتب علي ظهرها: “يلعن ابو وصفي التل اللي بتسجنو الناس مشانه” وطلب من الرجل تسليم تلك الورقة لمركز الامن الذي تم اعتقال ابنه فيه.
عندها انفرجت اسارير ذلك الرجل وانهال بالشكر والدعاء لوصفي وخرج مسرعا ليخرج ابنه من الحبس.
وبعد ذلك توجه وصفي الى وفد قريتنا واستمع لمطلبهم ولكنه استهجن طلبهم وقال لهم: هل حاولتم الشكوى مباشرة لمدير شركة كهرباء اربد؟ فأجاب احدهم: لا . فقال وصفي: بامكانكم كوجهاء للقرية الذهاب اليه وانا متأكد انه سيجيب طلبكم.
وعاد وفد القرية مباشرة الى اربد والتقوا مدير شركة الكهرباء وكان ان وصلت الكهرباء الى اربد بعد ذلك بسنة او اكثر قليلا.
هذه قصة تتحدث عن نفسها، ليست بحاجة الى تعليق.
رحم الله وصفي. كان معلماً لم يتعلم منه احد.
ودمت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى