فعلا.. النسور محظوظ / سلامة الدرعاوي

فعلا.. النسور محظوظ
لا أحد يصدق أن حكومة النسور غادرت الدوار الرابع قبل سويعات قليلة من التوقيع على مسودة تفاهمات مع صندوق النقد الدولي، تمهيدا لاتفاق تصحيح جديد لمدة ثلاثة أعوام مقبلة يتضمن 38 شرطا جديدا على الاردن.
حكومة النسور في آخر ولايتها كانت في مفاوضات صعبة للغاية مع الصندوق، الذي وضع على المملكة شروطا تعجيزية لمنحه تسهيلات مالية خلال فترة البرنامج المقترح بقيمة تناهز الملياري دولار.
شروط الصندوق هذه المرة “حدّث ولا حرج”، تشمل 38 بندا تطال معظم قطاعات الدولة بلا استثناء ، منها ما هو متعلق برفع الاسعار والضرائب والكهرباء والمياه والغاء الاعفاءات والتشريعات والانظمة والعمالة، وعشرات الشروط التي من شأنها أن ترفع منسوب الاستياء العام على الحكومة من قبل الشارع، لكن شاءت الأقدار أن ترحل الحكومة بكل هدوء، تاركة أمر الصندوق والاتفاق المقبل إلى الحكومة الجديدة.
فعلا؛ رئيس الوزراء السابق عبد الله النسور شخص محظوظ للغاية، حين يغادر الدوار الرابع في هذا الوقت تحديدا، ليرحّل بذلك احد ابرز الملفات واعقدها وأصعبها لخلفه حكومة الملقي الجديدة.
حظ النسور ليس جديدا، فمنذ اليوم الأول لتوليه مهامه كرئيس للوزراء لعب الحظ معه كثير ليبقيه على كرسي الرئاسة اطول فترة ممكنة من بين رؤساء الوزراء في عهد الملك عبد الله الثاني (3.8 ) عاما.
الرئيس استطاع ان يواصل ادارته للحكومة في ظل المتغيرات المختلفة نتيجة الدعم عالي المستوى الذي تلقاه من أكبر مرجعيات الدولة، التي رأت ضرورة أن يكون هناك استمرارية في رئاسة الحكومة والاستغناء عن اسلوب التغيير المستمر، وهذا كان من صالح النسور.
ايضا تلقى اعلى درجات الدعم من الاجهزة الامنية التي عملت بمهنية عالية، ولم تتدخل في انشطة حكومته وتركته يعمل بكل استقلالية، لا بل ان النسور قطف ثمار المعالجات الامنية للحراكات التي بدأت أواخر 2011.
حكومة النسور تلقت ايضا اكبر مساعدات تلقتها حكومة في تاريخ المملكة، خاصة فيما يتعلق بالمنحة الخليجية وغيرها من الاموال التي تدفقت على الخزينة، والتي لولاها لكان الاقتصاد الاردني في خبر كان.
حتى الاعلام؛ لم يكن بذلك المستوى الناقد المسؤول لسياسات الحكومة الاقتصادية والتي ادت الى وضع الموازنة في موضع حرج للغاية، فغالبية المؤسسات الاعلامية في حالة اعلامية ومالية مزرية، وباستثناء المناوشات على صفحات التواصل الاجتماعي؛ فإن النقد لحكومة النسور كان غائبا عن المشهد العام.
فعلا النسور محظوظ بالعوامل السابقة التي جعلته اكثر الرؤساء اقامة في الدوار الرابع، ومحظوظ بمغادرته في هذا الوقت العصيب، فأي حظ هذا.
salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى