بعد فشل النهج النيوليبرالي ! ماذا تنتظر الحكومة ؟

بعد فشل النهج النيوليبرالي ! ماذا تنتظر الحكومة ؟
عمر مقبل العبداللات
منذ ثلاثة عقود تتنافس مدرستان إقتصاديتان على قيادة العالم أحدهما المدرسة الكنزية ( جون كينز ) والتي أنقذت الرأسمالية من نفسها بعد أزمات الكساد الكبير 1929 – 1933 والأزمة المالية العالمية 2008 وتقوم ببساطة على وجوب تدخل الدوله كمنظم ومستثمر في أوقات الأزمات ، أما المدرسة النيوليبرالية ( توماس فريدمن ) فتقوم على مباديء السوق الحر ( عرض وطلب ) وعدم تدخل الدولة وخصخصة الثروات والمؤسسات وهي المدرسة التي سادت في معظم دول العالم ومنها الأردن .
يحاول أصحاب النيوليبرالية التنصل من مسؤولياتهم في الفشل الأقتصادي بتحميله على شماعة جائحة كورونا وما ستخلفه من كساد اقتصادي وتناسى هؤلاء أن الأقتصاد الأردني يعاني من إختلالات هيكلية قبل كورونا ، فمديونيتنا تجاوزت 30 مليار دينار عام 2019 شكلت نسبة 97% من الناتج المحلي الإجمالي والبطاله محلقه عند مستويات 19,5% وعجز الموازنة يراوح مكانه بين 3,5% – 4% من الناتج الإجمالي منذ سنوات ، فأزمة كورونا لم تغير الواقع وإنما ستعمقه.
يواجه الأردن تحديات على صعيد المالية العامة تقدر ب 3 مليار دينار تتأتى من إرتفاع العجز المقدر في الموازنة لعام 2020 من 1,046 مليار دينار الى 2 مليار دينار بسبب إنخفاض الإيرادات الضريبية وحلول موعد إستحقاق سداد سندات اليورو بوند في شهر تشرين اول وقيمتها 1,25 مليار يورو ، ولمّا كانت الحالة هذه فإن الحكومة مطالبة أن تكون أكثر شفافيه في إبراز ملامح خطتها لإنقاذ البلاد ، وأن ترقى إجراءاتها إلى مستوى عمق الأزمة إقتصاديا وإجتماعيا ، وأعتقد أن الفرصة مواتيه لتغيير نهج إدارة الدولة وإقتصادها لجهة تحمل الحكومة مسؤولياتها حارسا” ومنظما” ومستثمرا” وتحت شعار فرضته جائحة كورونا على دول العالم وهو الإعتماد على الذات ، لتجيبنا الحكومة عن التساؤلات التالية :
ما حقيقة المليارات الثلاثه التي اشار اليها تقرير البنك الدولي والتي تسربت الى ملاذات آمنه وغيرآمنه ؟ وماذا عملت الحكومه لاستعادتها واستعادة ثروات البلاد التي تم خصخصتها بأثمان غير عادله ؟ وهل محاربة الفساد بجديه من اعلى الى اسفل يشكل اولويةً ؟ فأمثال هؤلاء عرضّوا امننا للخطر بتعميق فجوة الثقه بين المواطن والدوله والاساءه لسمعة الاردن الدوليه علاوةً على ان الاردنيين سددوا هذه القروض من قوت اطفالهم ولذا وجب كشفهم ومحاسبتهم فهم ليسوا اكبر من الدوله عندما يصرح رأسها حفظه الله ان لا حصانة لفاسد.
لماذا لم نسمع عن قرار صريح بتخفيض النفقات الحكوميه بنسبة وازنه 15%-20% ؟ وايداع المبلغ في صندوق همة وطن لإرسال رساله إيجابيه للمواطنين بأن الحكومه بدأت بنفسها عندما تطلب منهم
التكيف مع الاجراءات الصعبه المتوقعه
آلا تدق الحكومة ناقوس الخطر عندما تعرف أن إنتاجنا الوطني من القمح وهو السلعة الإستراتيجية في الأمن الغذائي يكفي ل 10 أيام فقط ؟ وأننا نستغل فقط 2,8 مليون دونم من أصل 8,9 مليون دونم من الأراضي الصالحة للزراعة ؟ وأن مساحة الأراضي الزراعية زادت في العشرية الأخيرة 7% فقط ؟ أم أن القرار سياسي وليس إقتصادي ؟؟.
ماذا فعلت الحكومة لتخفيف كلف الإنتاج على كافة القطاعات الإقتصادية ؟ فلازلنا ننتظر تخفيض رسوم الجمارك وكلف الطاقة والإيجارات والضمان الإجتماعي ورسوم التصدير وضريبة المبيعات ، فالعبء الضريبي في الأردن يصل الى 26,5% وهي نسبه مرتفعة عالميا” .
أين قراراتكم المتعلقة بإالغاء ودمج الهيئات المستقلة والتي شكلت لسنوات طويلة ودون فائدة عبئا” ثقيلا” على جيوب الأردنيين ؟ وإعادة اختصاصاتها للوزارات .
أين وصلت جهود مكافحة التهرب الضريبي والذي قدره نائب رئيس وزراء أسبق عام 2018 ب 650 مليون دينار ؟ .
ما هي السرعة التي تسير بها إستراتيجية أمن الطاقة عبر تنويع مصادرها وخاصة من الطاقة الشمسية فهناك دون شقيقة بدأت بعدنا لكنها سبقتنا أشواط مثل مصر والمغرب والامارات ؟ وهل تم إستغلال فرصة حروب أسعار النفط والتى هوت معها الأسعار الى حدود 20 دولار بشكل جيد ؟
ألم يحن الوقت لتدخل الحكومة في تنظيم قطاعات الصحة والدواء والتعليم؟ حيث يحمل عشرات آلاف الأردنيين عن الحكومة واجب صحة أبنائهم وتعليمهم وينتظرون تدخلا” يوازن بين مصالح جميع الأطراف مواطنين ومستثمرين وحكومة فاستدامة هذه القطاعات مصلحةٌ وطنيه .
لمصلحة من تبقى الحدود شبه مغلقة مع العراق وسوريا وهما من اهم الشركاء الاقتصاديين للمملكة؟
لا تشكل الديون مشكلة، فمعظم الاقتصاديات الكبرى (الولايات المتحدة والصين واليابان ودول الاتحاد الاوروبي…) مدينة بنسب تتراوح بين 60%- 200% من ناتجها الوطني، ولكن التحدي كيف توظف هذه القروض لخلق تنمية مستدامة تنعكس على المواطنين بخلق فرص عمل لهم وتحسين مستوى معيشتهم ، وتؤدي الى زيادة الصادرات وتوطين التكنولوجيا، والسؤال هنا هل ستكون القروض المتوقع الحصول عليها هذا العام سواء كانت داخلية او خارجية تصب في هذا الاتجاه؟ ام انها ستكون على قاعدة ديون اليوم هي ضرائب الغد؟
إن نجاح الإدارة الاردنية في الجانب الصحي لازمة كورونا – رغم بعض الهفوات – اعاد مد جسور الثقة بين المواطن والدولة وأسس لحالة وطنية ايجابية يمكن البناء عليها في إدارة الاثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، ونأمل أن لا تلجأ الحكومة الى جيب المواطن الخاوية اصلاً وإنما تمد يدها الى سواعد الاردنيين لبناء دولة العدالة والكرامة والاعتماد على الذات، فالازمات كما تخلق تحديات تخلق فرصاً ولكن استثمارها يحتاج الى إرادة وطنية صلبة وإداره حصيفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى