الدخان

الدخان
الكاتب الساخر محمد طمليه

* أتعرض للمارة, وهذا يعني أنني اتعمد المشي على الرصيف المزدحم على أمل ان أتلقى تحية من عابر, كأن يقول احدهم: “مرحبا محمد, كيفك.?, او يأخذني في الحضن قائلاً: “والله زمان يا صاحبي”. ولكن احدا لا يحفل بي, وها أن الغرباء يمضون في عجلة من أمرهم الى اماكن عديدة: اتمنى لو أؤخذ, الى احد الاماكن التي اتوهم انها مريحة : خذوني معكم, فانه مما يبعث على الاسى ان ابقى متروكا على الرصيف انا هنا على الرصيف, منذ الصباح, وربما قبل ذلك بكثير, وما زلت امشي على امل ان اتلقى تحية ودودة من عابر ودود, او يسمح الغرباء لي بالمشاركة في الحراك العام, او يرجوني عجوز ان اساعده في عبور الشارع: أريد أن اساهم في اللغط, انظروا, ثمة في عمق المقهى رجلان يضحكان: وبما يوحي ان هناك نكتة قيلت للتو, أنا لا اضحك, ولكني ابتسم اثناء المشي لايهام الغرباء أنني بشوش, وان رفقتي طيبة, وأنا الخاسر الوحيد هو ذلك الشخص الذي يتحاشاني, ولا يقول “مرحبا” وانا استغرب هذا الجفاء, واقصد ان يستثنيني الغرباء من الانخراط, في الاواصر, كما لو انني لست منكوبا مثلهم. اسمعوا,
هناك رجل يشبهني على الرصيف الاخر, وهو يبتسم مثلي .. واتوقع انه يبحث عن موطئ حضن في هذا العالم الموحش: سأعبر الشارع واتبعه. هيا ولكن الرجل الغريب تنّبه للعمليّة, فأسرع في المشي, ثم جعل يهرول رافعا يديه فوق رأسه, وهذه حركة مألوفة, عندما يهرب الانسان من حريق, فهرولت ايضا واضعا يديّ مثله, غير ان الرجل افلت مني هذ المرة ايضا.
* عدت اخر الليل الى غرفتي .. كان ثمة دخان يملأ الغرفة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى