البضاعة: إنسان

خاص سواليف.

مقال الخميس 2-9-2021

البضاعة: إنسان

صُدم مواطن أردني عندما جاء لزيارة طفله في قسم الخداج بمستشفى البشير ، ليكتشف أن رضيعه قد فارق الحياة منذ ساعات وارتأت إدارة المستشفى أن تضعه داخل “كرتونة” لغايات التصدير الأخير نحو المقبرة..

الحزن وحده لا يكفي في هذا الزمان ، لا بدّ من الحزن المعجون بالمهانة ، لا يكفي أن يفقد أب ملهوف على الأبوّة طفله بعد عملية زراعة أجنّة شاقة ومكلفة ،لا هذا لا يكفي ، لقد  آثروا أن يواسونه على طريقتهم فيضعون حلمه الجميل  “بكرتونة”…

**

مدير مستشفى البشير استاء من استياء والد الطفل ،واستهجن استهجانه وتكبير كلامه في الإعلام  وقال المدير: أي  طفل في قسم الخداج يتوفّى، يلف في قطعة قماش ثم يوضع في كرتونة ويوضع في ثلاجة الموتى  ” هذا هو الاجراء المتّبع في مثل هذه الحالات”..

نعم هذا هو الإجراء المتبّع في دولة الإنسان ، فالمواطن ليس أكثر من رقم ،وسلعة مغطاة بالأوجاع يُتاجر بأحلامها وعواطفها وكرامتها ،  لتدرّ للحكومات دخلاً شهرياً من ضرائب النفط والكهرباء ، المواطن هو الذي يقتطع من كسب عرقه وخبز أبنائه لينعم أبناء المسؤولين بالوظائف ذات الرواتب المرتفعة ، يدفع كي تُطيّر سفيرة الى مرّاكش،وآخر الى لندن وأخرى لتطوّر وادي عربة..هو مجرّد بضاعة رائجة ،يتم التفاوض عليها ، وباسمها ثم توضع في كرتونة القرار وترمى في ثلاجة الزمن الطويل…

نعم هذا هو الإجراء المتّبع في دولة الانسان ، ان يكون الميّت  في كرتونة”شيبس” أو كرتونة “مسحوق غسيل” أو “معلبات فول” فأنت في نظرهم  لا تزيد عنها قيمة ، ولا تختلف من حيث المحتوى..

سؤالي الكبير ..هل نحن حقاً بحاجة الى شهادات ميلاد؟..في الوطن الشركة؟  ..نحن بحاجة الى شهادات منشأ لا شهادات ميلاد..وليكتبوا على كل وثائق كل المواليد منذ الآن فصاعداً..البضاعة : إنسان. 

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hormail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. كثير علينا نكون بضاعه
    نحن من ارتضى المهانة و الذل
    و سنبقى …. للفاسدين

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى