أبصم يا حجي / مصطفى الشبول

أبصم يا حجي

حادثة واقعية وقصة حقيقية لكنها غريبة في نفس الوقت ، حدثت منذ أيام قليلة في إحدى المقابر….يقول شاهد القصة: بينما نقوم بدفن احد رجالات البلدة الصالحين في مقبرة البلدة الشرقية وإذ بمجيء جنازة أخرى لامرأة مسنة إلى نفس المقبرة …وعندما أراد شيخنا الدعاء للرجل المتوفي نتفاجئ بارتفاع أصوات وصراخ وشتائم تنبعث من الأشخاص المشيعين لجنازة المرأة المسنة وتحول هذا الصراخ إلى اشتباك بالأيدي، فأسرعنا نحوهم وقطعنا دعاء الميت ، ولما سألنا عن سبب العراك والنزاع تبين بأن أحد أبناء المرأة المتوفاة والذي نزل معها إلى القبر ليفك رباط الكفن ويودعها الوداع الأخير كان يمارس خيانة عظمى ..حيث قام بإخراج بصّامة حبر ( ستنبه) وورقة من جيبه وأخذ بيد أمه وهي ميتة لتبصم على الورقة ، وفي هذه اللحظة رآه الأخ الأكبر ليبدأ بعدها الصراع والعراك الكبير.
فالشاهد على هذه الحادثة يتفاجئ من هذا الفعل الشنيع ويتسائل: ألهذا الحد وصلت بنا الإساءة حتى الأموات في قبورهم نودعهم بالخيانة؟
نقول له لا تتعجب ولا تستغرب من صنيع هذا الرجل الأنانيّ الطمّاع ( لأن مثله مثايل ) فكم استغل بعض الأشخاص الجشعين ضعف آبائهم وعجزهم وحاجة الآباء لهم ( من خلال إعطائهم القليل القليل من المال) لتحدث بعدها المفاجئة بأخذه إلى دائرة الأراضي من اجل التنازل والتطويب دون رضاه متمنّنين عليه بلقمة الطعام أو بعض الدنانير ، قائلين له: أبصم يا حجي وأكل حلاوة…
وكم من امرأة وسوست وزنّت فوق رأس زوجها ومارست عليه الضغوط من اجل أن يقوم والده بالتنازل والتفرغ عن البيت أو البيدر أو كرم الزيتون أو دونم أرض ، وهي تقول لزوجها : ( إحنا اللي بلشانين بأبوك ، شوف إخوتك متبريين منه ، وبوكل وبشرب عندنا هو وأمك ،..أخوك الكبير دايما مسافر …والثاني عامل حاله مريض ..والثالث مش ماين على مرته يسكنهم عنده .. والرابع كذا وكذا )..
فنقول بأن الجريمة البشعة التي مارسها الرجل مع أمه داخل قبرها لا تختلف تماماً ولا تقل بشاعة عن الجرائم التي يمارسها بعض الأشخاص الجشعين مع آبائهم وهم أحياء من اجل الاستيلاء على الأراضي والعقارات والأملاك ، فالطمع والجشع المتفشي في صدور هؤلاء قد وصل بهم إلى هذا الحد الكبير من الإساءة للآباء والأمهات وخيانتهم واستغلالهم أحياءً وأموات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى