هل تعجز الكورونا عن قتل داء العنصرية ؟

هل تعجز الكورونا عن قتل داء العنصرية ؟
المهندس علي ابوصعيليك

رغم توحيد جهود البشرية جمعاء متجاوزة اختلافاتها السياسية والأيديولوجية من أجل التعامل مع وباء الكورونا الذي يفتك يوميا بالبشرية جمعاء بدون أي اعتبارات غني وفقير، مسلم مسيحي يهودي أو هندوسي، شرقي غربي شمالي أو جنوبي، أبيض أو أسود، خرجت علينا بعض أصوات النشاز هنا وهناك بفكرها العنصري القديم المتجدد ناعقة بفكرها النتن بداية من تصريح جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية بمطالبته بحجر المخيمات الفلسطينية والسورية في لبنان في وقت لم تسجل فيه حالة كورونا واحده في المخيمات .
وقبل أيام خرجت صحيفة الجمهورية اللبنانية التي تتفق فكريا مع جعجع بكاريكاتير يشبه الفلسطيني بالكورونا وهذه التصرفات العنصرية تؤكد مبدئيا أن معركة البشرية مع فايروس الكورونا أسهل من معركة اجتثاث الفكر العنصري.
تاريخيا تعرضت فلسطين الأرض والشعب لمؤامرة دولية نتج عنها إحتلال فلسطين الأرض وتشريد الملايين من الشعب الفلسطيني بعد مجازر يندى لها الجبين أشهرها داخل فلسطين مذبحة دير ياسين وفي لبنان مذابح تل الزعتر وصبرا وشاتيلا ورغم مضي عشرات السنوات لازال الجرح ينزف في قلب كل فلسطيني .
ورغم أن هذا الجرح المأساوي لازال نازفا إلا أن الإنسان الفلسطيني أظهر في مناسبات عديدة قدرته وقابليته على البدء من جديد وركز جهده وعقله في مقاومة المحتل الصهيوني ولكن تأبى العقلية العنصرية إلا أن تطل بفكرها البغيض بين الحين والأخر غير أبهة حتى ببلاء الكورونا والذي يهدد حياة ملايين البشر رغم أن المختبرات التي تبحث عن العلاج والكوادر الطبية التي تعمل المستحيل في سبيل إنقاذ الأرواح تتزامل وتتشارك دون إعتبار العرق والدين وغيرها من التفاصيل ، ولنا في الموقف العابر الجميل الذي ظهر قبل عدة أيام عندما قام الرئيس الفرنسي ماكرون بتحية بعض الطواقم الطبية وطلب التعرف بهم فوجد أنهم من عدة بلدان منها لبنان والجزائر وتونس والمغرب والسنغال أي أنهم من عرقيات وألوان وأديان مختلفة وتوحدت جهودهم وإبتساماتهم من أجل إنقاذ البشرية وهذه الأمثلة هي ما يستحق أن يقال له مرحى وسلمت يمناكم ، وأفعالهم الطيبة سيخلدها التاريخ في كتب الشرف التي يفتخر بها الإنسان بعكس الفكر العنصري الذي لا يمجده إلا القلة النتنه التي تتلاشى يوما بعد يوم ليس بفعل الفايروسات مثل فايروس الكورونا وإنما بفعل تغيرات الزمن التي وعلى سبيل المثال ومن خلال وسائل عديده زادت معرفة الإنسان البسيط أن هنالك من يتخفى تحت شعارات زائفة من أجل مصالحه الخاصة وليس من أجل صالح الأوطان.
ستستمر البشرية في مكافحة جائحة الكورونا وستصل لعلاج لها يوما ما وهو ليس ببعيد وعندما يتم ذلك سيفرح الجميع على إختلافاتهم العميقة لأن الهدف الأسمى هنا هو إنقاذ البشرية (وحتى العنصريين منهم) وعودة عجلة الحياة للدوران وفي ذلك الوقت سينكفئ كل ذي فكر عنصري على نفسه لأنه لن يجد إلا القلة القليلة المخدوعة به وبفكرة تهتف له وهي التي ستهتف لغيره عندما يدفع أكثر.
فلسطين الأرض ستتحرر يوما ما وهذا يقين بالله لأن الظلم والشر لا يدومان والإنسان الفلسطيني لازال مبدعا خلاقا للحياة والتطور في كل مكان وقد يسخر الله سبحانه وتعالى العلاج على يديه بل وقد ينقذ هذا الفلسطيني كطبيب أو ممرض أو عالم في مكان ما شخصا عنصريا ليس من أفكاره بل من فايروس الكورونا ان إبتلي به وهذه عجائب وتناقضات الحياة التي مهما إشتدت فيها التناقضات إلا أن لغة الإنسانية هي الأعلى في قلوب البشر، ولكن الطب والعلم ليست الوسائل التي ستزيل داء العنصرية البغيضة.
aliabusaleek@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى