“من هؤلاء!!”

“من هؤلاء!!”

د. محمد شواقفة

لا أعتقد أن عاقلا ينكر وجود #طبقية في #الأردن، من لا يراها بعينيه و أمامه في أماكن عديدة و منتشرة في غالبها في أرجاء الوطن…. لا أتحدث عن الأغنياء أو كبار التجار أو أصحاب المشاريع…. لكنني أتحدث عن طبقة لا علاقة لها بالأردن لا ترى من يعيش فيه، أشكالهم لا تشبه أشكالنا و ملابسهم تختلف عن ملابسنا و لغة لسانهم لا علاقة لها بقاموسنا، أعتقد أن زيتهم لا يختلط بمائنا، فهم جغرافيا ربما ضمن حدود العاصمة و لكنهم لم يخرجوا من تلك الحدود الا عبر بوابة المطار لأماكن أخرى حيث ينعمون بثقافة مختلفة و ربما لديهم هويات أخرى…. لا أعتقد أنهم مثلنا و يأكلون مثل طعامنا و أكاد أجزم أنهم لا يعرفون من هو وزير الاعلام رغم ظهوره المتكرر على الشاشات… و أنا متأكد أنهم لا يرسلون أبناءهم لمدارسنا أو جامعاتنا و لا أظن أنهم يراجعون مستشفياتنا اذا مرضوا أوربما أنهم لا يمرضون، لست متأكدا إن كانوا يموتون و لكن إذا حدث ذلك فلا أعتقد أنهم يدفنون مثلنا و معنا….
و لكي لا أبدو عنصريا بغيضا، فأنا متأكد أنهم لا يشاركوننا صفحاتنا على التواصل و لا يهتمون لما قد نقوله عنهم، لذلك سأتوسع بالحديث غير خائف من متربص قد يستفزه هذا الحديث!!! . فهذه الأمور بكل بساطة لا تعني لهم شيئا و هم لا يروننا لا بعيونهم و لا يشعرون بوجودنا أبدا….
هل لنا نتساءل من هم هؤلاء؟، لماذا لا نعرفهم أو يعرفوننا؟ كم يصل تعدادهم؟ هل هم مثلنا يعرفون المنسف و يأكلون الفلافل و لو أحيانا ؟، هل يفهمون أغنيات متعب السقار و عبده موسى؟ هل يقودهم صوت المجوز للجنون و التسبب بحادث مميت؟ هل يعرفون أسماء القرى و الشوارع و الحارات و يتمنون صحن كنافة أو ذرة مشوية من على قارعة الطريق؟ هل لهم أرجل و يلبسون كأحذيتنا و يسيرون مثلنا للحاق بالباص واقفين؟ هل يعرفون الحسبة و البالة و مكاتب البريد؟، هل ينتظرون آخر الشهر مثلنا و يشترون شاورما و مكسرات كلما سنحت لهم فرصة؟، هل لديهم أيدي يصافحون بها و يحملون فيها جرة الغاز و أكياس التسوق؟
السؤال ليس من باب الحسد لا سمح الله، و لكن من هؤلاء؟
من يدفع هذه المبالغ تذكرة حفل لمطرب لم يعد يستمع اليه أحد و هو مستعد أن ينتحر على جسر عبدون لقاء مبلغ أقل بكثير من هذه الأرقام، فهذا بالتأكيد ليس منا، لا نعرفه و لا يعرفنا. و لو كان ثريا، فليس من المروءة و لا الاخلاق أن يدفع البعض لقاء نزواتهم و تفاهاتهم و هناك الالاف لا يملكون كفاف يومهم، و ليس من الذوق و لا الدين أن يبيت أحد جائعا و غيره يحرق مال الله في تحدي سافر للعادات و التقاليد و ربما الدين احيانا….
قليلا من الخجل أيها الكيان الغريب، و حاول أن تخفي نفسك في أكوام قمامة النسيان ولا تخرج علينا بصفاقة و بدون حياء لتزيد الشعور بالقهر و الظلم و غياب العدالة و ربما تصلك و لو بعد حين أيدي الجياع و المحرومين….
تساؤل أخير، هل يصيب كورونا هذه الفئات من المخلوقات، بحثت قليلا و عرفت أن الفيروس يستشري و يصل الى الدم و كما يبدو فهؤلاء لا دم عندهم….

“دبوس على الطبقية”

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى