من فلسطين المستقلة إلی الأوطان المحتلة

من #فلسطين المستقلة إلی الأوطان المحتلة

شبلي العجارمة

يعتريني الخجل من نفسي وأنا أحاول الکتابة عن شعبٍ يسافر عبر موته لحياته منذ أکثر من سبعين خريفاً ونيف, وأشعر بالحرج من باب مواکبة الحدث ربما لا أبعد من هذا وأنا أسطر ملحمة أرضٍ أترعها الدم الأحمر ارتواءً أكثر من المطر, فالکتابة من علی شاطیء فنجان قهوةٍ وقطعة سکر , ليست کالموت علی حافة الأمنيات بمساحة حريةٍ کل شبرٍ منها يحتاج لجسد شهيدٍ أو بکاء طفلٍ أو عويل امرأةٍ أو أٓلاف السقوف والجدران المهدمة ,فشتانُُ ما بين الکتابة الحمقاء وکأٓبة الحرية الحمراء!.
فمن يمتلك قرار القتال والمقاومة يا فلسطين ضمن فرضيات الأزمنة بأمکنتها فلا شك هو من يمتلك مفاتيح الحياة والموت کمصاٸر لشعبٍ أدمن نکهة الموت لقاء عزته وحريته کما أتقنا نحن الشعوب المحتلة إرادتها طعم الحياة لقاء الذل والخنوع والصمت,فأي وجهٍ للشبه بين صباحات النار والدمار وبين مساءات الشرفات ومراقبة الحدث عن بعدٍ مقيت ?.
فأنتم يا أهلنا الصامدون هناك والمقاتلون عنا بالإنابة ,ذات يومٍ كان الحجر قرار ,وکان العصيان إرادة وکان الصمود والمقاومة خيار , ونحن هنا لدينا تخمةُُ من البداٸل المتاحة ,ومساحات شاسعة علی أرض الواقع السياسي لاستخدامها لکننا لا نملك تفعيل قرارٍ واحد سوی أضعف الإيمان ألا وهو الإنکار بصمتٍ به وکفی ,فشتانُُ ما بين من يعاني من شح البداٸل وقلة أوراق الضغط ويوجع بها خصمه وقاتله ومن سلب حق وجوهه وصادر أرضه , وما بين من يمتلك ترف السبل وعجقة الخيارات بدءاً من طرد الشفير أو استجوابه علی الأقل حفظاً لماء الوجه أو تجميد کل معاهدات الزيف والخداع الخاسرة , أو إعلان النفير العام .ومع کل هذا لم نقوّ علی أن ننطق ببنت شفه إلا بتنميق عبارات الشجب والاستنکار والرفض القاطع والماٸع .
الاستقلال هو استقلال الإرادة والتمتع بحرية وکيفية القرار لا باستقلال العواصم شکلاً لا مضموناً ومفرغاً من المحتوی والمعنی الحقيقي للاستقلال,شعوبنا تغلي دماٶها في عروقها غضباً وغيرةّ علی دينها وقوميتها ,لکنها مکبلةُُ بسدنة السياسة ومنظري منابر الإعلام الواهنة والهشة التي لا تحمل مفاتيح المرحلة وأدلة ما يشاع ويقال .
أهلنا في الشيخ جراح ,في القدس ,في غزة وفي کل أرضنا المحتلة, لقد وصلت کل رشاٸلکم لصناديق بريدنا المتخم جراحاً وأسی بدءا من صبرا وشاتيلا ودير ياسين ,ومروراً بانتفاضة الحجارة وانتهاءً بالشيخ جراح ,لکن لا أوراق لدينا ولا حبراً لنرد علی رساٸلکم ,أختامنا أکلتها دابة الأرض وحرثنا ورقُُ نفشت فيه غنم القوم وانتصرنا لکم بکتاب غينس أکثر من مرة ,وعقدنا مٸات المٶتمرات ونسخ القرارات التي کأنها هي رغم أننا نکرنا کل ديیاجاتها وتواقيعها

التي منها من قضی نحبه ومنها من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى