مشكلة التضخم والركود الإقتصادي / د. هاشم غرايبه

مشكلة التضخم والركود الإقتصادي

التضخم هو مفهوم اقتصادي يُعرّف بأنه تغير بالنسبة لمعيار محدد يربط قيمة النقد بالقيمة السوقية للسلع، ويظهر غالبا بشكل عزوف أصحاب الأموال عن استثمارها بمشاريع، واللجوء الى ايداعها في البنوك لأنها تحقق عائدا مضمونا وإن كان سعر الفائدة قليلا، لذا تتحول الأموال الى ودائع مرصودة بدل أن تحرك السوق، مما يؤدي الى الركود أي ضعف التبادلات وينعكس ذلك على خسارة أصحاب المشاريع الذين يقترضون من البنوك ولا يتمكنون من تسديد الأقساط والفوائد، فيحدث كساد عام نتيجة انخفاض القدرة الشرائية.
في عام 2008 حدثت هزة اقتصادية كبرى، كادت تودي بالإقتصاد العالمي برمته، عرفت بأزمة المصارف الأمريكية، وبدأت بالتدحرج المتعاظم بسرعة ككرة الثلج، لولا أن تداركتها القوى المالية العظمى ( التحالف اليهودي الدولي: روتشيلد – روكفلر – نيومان)، فتمكنت عن طريق ضخ السيولة الهائل في البنوك المهددة، من إيقاف التدحرج المدمر، بالطبع لم يكن ذلك بدافع الخير والإحسان، وإنما لأن النظام النقدي والمصرفي الرأسمالي الهش قائم على الثقة به، فلو انهارت هذه الثقة لأصبحت قيمة العملات الرئيسة في أدنى مستوى وبالتالي فإن استثمارات ذلك التحالف العملاق ستنهار فورا لأنها تملك معظم أسهم البنوك المركزية الأوروبية والأمريكية.
منذ عام 1971 ألغي الرئيس الأمريكي نيكسون غطاء الذهب عن الدولار، فأصبح النظام النقدي السائد حاليا في العالم في مهب الريح، إذ باتت قوة الدولار الأمريكي تتأتى من القوة العسكرية الضامنة للقوة الإقتصادية، وليس على غطاء حقيقي من الذهب ، لذا فإن النظام الإقتصادي الرأسمالي صار كفقاعة صابون هائلة قد تضمحل في أية لحظة .
ما البديل الذي يقدمه النظام الإقتصادي الإسلامي؟
إنه نظام مختلف ويقوم على أسس مختلفة، ولا يتسع المجال لبيان تلك الأسس، لكن فلسفة الإقتصاد الإسلامي هي وضع المال في خدمة المجتمع، فهي تبحث عن المشاريع الأكثر نفعا وليس مجرد الأكثر ربحا، وإيجاد أنماط محددة لتوزيع الدخل والثروة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ولما كان المال مال الله، فيعتبر وكأنه ملكية جماعية للمجتمع، بدليل قوله تعالى ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل “، فإن واجب من استخلفه الله فيه أن لا يكنزه بل يسخره لمنفعة المجتمع، لذلك فالعمل المصرفي مباح شريطة أن يشارك المال في انعاش السوق باستثماره تجاريا أي لا يناله تحصين من مخاطر السوق، وهذه حكمة تحريم الربا الذي يختلف عن التجارة الحلال في أن رأس المال مصان من المخاطر، بينما المخاطرة هي أساس العمل التجاري.
بالتطبيق تبين انه من الممكن حقاً وضع إطار منطقي لنظام المشاركة في الأرباح والخسائر عن طريق استخدام تحليل المخاطرة وعدم التأكد، كما يبقى النظام المصرفي الإسلامي أكثر ملاءمة من حيث قدرته على التكيف مع الصدمات التي تنجم عن الأزمات المصرفية واختلال عمل جهاز المدفوعات بالدولة، ويرجع السبب في ذلك إلى أن النظام الذي يقوم على الاشتراك في الملكية والذي يستبعد أسعار الفائدة المحددة مسبقاً ولا يضمن القيمة الاسمية للودائع، هذا النظام حين يواجه ظاهرة حدوث صدمات لأوضاع الأصول، يسمح بامتصاص هذه الصدمات فوراً عن طريق التغيرات في قيم الأسهم (الودائع) في حوزة الجمهور.
والأهم من كل ما سبق في السياسة النقدية الإسلامية أنها أكثر ثباتا، لإن المعتمد في النظام المالي الإسلامي للتعاملات النقدية هما النقدان ( الذهب والفضة )، وهما أكثر إستقرارا وأمانا عندما يكونان غطاء للعملة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى