مسيرة العودة الكبرى.. “البلاد طلبت أهلها”

سواليف – رصد

تمثلُ مسيرة “العودة الكبرى” المقرر انطلاقها في تاريخ 30/آذار باتجاه السلك الفاصل شرق قطاع غزة رداً شعبياً فلسطينياً على صفقة القرن، وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان مدينة القدس عاصمة للاحتلال، وذلك كخطوة عملية لمواجهة مسلسل تصفية القضية الفلسطينية التي تتسارع في ظل تواطؤ دولي.

ويرى محللون وكُتاب رأي أنَّ مسيرة العودة قد تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، على اعتبار أنها تظاهرة تتقاطع معها رؤى جميع القوى الوطنية والإسلامية والشعبية واللجان من مختلف المشارب السياسية والفكرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

وشدد المحللون وأصحاب الرأي -خلال حلقة نقاش بعنوان “مسيرات العودة .. التحديات والآفاق” نظمها معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية- على ضرورة توعية الجمهور الفلسطيني بالمسيرة الكبرى وآلياتها وأهدافها والتحديات التي يمكن ان تواجهها المسيرة، مع ضرورة إقامة الحُجة والدليل على سلمية المسيرة وقانونيتها وقطع الطريق على الاحتلال لتبرير ممارسة العنف المفرط ضد المسيرة أثناء رحلتها للعودة إلى الديار.
وأصدرت اللجنة التنسيقية الدولية لمسيرة العودة الكبرى بياناً دعت فيه اللاجئين الفلسطينيين في العالم كافة وفي الضفة الغربية والقطاع إلى المشاركة في مسيرة ضخمة تطالب بترجمة حق العودة بالتزامن والذكرى ال (70) ليوم الأرض والذي يصادف في 19 نيسان من كل عام.

وأكد البيان بأن هذه المسيرات ستكون سلمية وتطالب بترجمة حق العودة المدعوم من قبل الأمم المتحدة ويهدف إلى تأكيد حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم في فلسطين، وتالياً نص البيان:

بعد سبعين عاما من طرد مئات الألوف من الفلسطينيين من بيوتهم وإلقائهم في مختلف الأقطار العربية وبقية دول العالم كلاجئين ينتظرون العودة لأرضهم وديارهم وممتلكاتهم، تفاجأوا بدعوات لتوطينهم في أماكن اللجوء والشتات، ودعوات أخرى لحل منظمة الأونروا التي أنشأت بعد صدور القرار 194 الداعي لعودتهم، وعليه تداعى عدد من النشطاء الفلسطينيين في فلسطين وفي الشتات وأطلقوا الدعوة لمسيرة العودة الكبرى كمسيرة يقوم بها كافة اللاجئين المهجرين من كل مناطق تواجدهم، في القدس، وال 48، والضفة الغربية، وقطاع غزة، و لبنان ، وسوريا والأردن، مشياً على الأقدام وبصدور عارية وبأقدام حافية لا يحملون سلاحاً ولا يطلقون رصاصة ولا يلقون حجارة ولا يشتبكون مع أي جيش ، ولا ينوون التدخل بالشأن السياسي لأحد، يدعون فقط للعودة لأرضهم وديارهم وممتلكاتهم تطبيقاً للفقرة 11 من القرار الأممي 194، مستمدين فكرتهم من مسيرة العودة 2011، والمسيرة العامية إلى القدس 2012، ومسيرة إخوانهم في أراضي 48 الذين يقومون بمسيرتهم السنوية الداعية للعودة إلى أرضهم وديارهم وممتلكاتهم في 19 إبريل من كل عام، وقد بدأت منذ اللحظة الأولى لتنسيق جهود الجميع ، وعليه فإننا نوضح ما يلي:

أولاً: اللجنة التنسيقية الدولية بدأت بالعمل قبل ثلاثة أشهر وأخذت للتنظير لفكرة مسيرة العودة الكبرى.

ثانياً: عملت اللجنة مع الجميع لقياس المزاج العام لتقبل الفكرة فوجدت حالة إجماع لا نظير لها.

ثالثا: عملت اللجنة مع الجميع لإنجاز المبادئ العامة لمسيرة العودة الكبرى.

رابعاً: أصبح هناك فعل مستدام على الأرض تحت اسم مسيرة العودة الكبرى ينطلق أساسا من قطاع غزة والضفة الغربية وأراضي 48. وسيبدأ قريبا في كل من لبنان والأردن ودول أخرى من العالم.

خامساً: تشكلت في غزة هيئة وطنية لمخيمات العودة وكسر الحصار لإدارة الفعل الميداني وفق المبادئ العامة لمسيرة العودة التي تم التوافق عليها من الجميع.

سادساً: أصبحت مسيرة العودة الكبرى عمل فلسطيني يجمع عليه الفلسطينيون كافة، يبدأ في قطاع غزة في 30 مارس ويتمدد إلى كل الساحات ولا ينتهي الا بتطبيق وانفاذ المادة 11 من قرار الأمم المتحدة رقم 194

سابعاً: تقوم الآن اللجنة التنسيقية الدولية بالإئتلاف مع كل المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية واتحادات الطلبة والنقابات والمؤسسات التعليمية لتحقيق الغاية الأساسية للجنة وهي تنسيق كل مايتعلق بالمسيرات المنضوية تحت مسيرة العودة الكبرى، وكذلك دعم واسناد وحماية هذه التحركات كبديل سلمي لاستعادة الحق المسلوب منذ 70 عاماً.

ثامناً: تؤكد اللجنة بأن حق العودة هو حق قانوني وحقوقي وإنساني. ولا تتدخل اللجنة التنسيقية الدولية بالجوانب السياسية، ولكن ينحصر عملها في تنسيق وإسناد ودعم وحماية مسيرة العودة الكبرى وصولاً لعودة كافة اللاجئين الفلسطينيين الراغبين بالعودة وتمكينهم من أرضهم وممتلكاتهم وديارهم والتعويض لمن تضرر منهم كما نص عليه القرار.

ومن هذا المنطلق فإن اللجنة التنسيقية الدولية لمسيرة العودة الكبرى تدعو كافة القوى السياسية في كل دول العالم ، والشخصيات الاعتبارية، والمؤسسات الأهلية، ، والحراكات الشبابية، والمؤسسات النسوية، والاتحادات واللجان الشعبية للاجئين حول العالم، واتحادات الطلبة والمؤسسات الحقوقية لإطلاق نداء دعم واسناد وحماية مسيرة العودة الكبرى والتواصل معنا لتوحيد وتنسيق الجهود الدولية نحو هذا الهدف القانوني الذي تجمع عليه كافة أطياف الشعب الفلسطيني ويحظى بتأييد دولي عبر التصويت لصالح القرار 194 في أروقة الأمم المتحدة أكثر من 130 مرة خلال العقود الماضية.

كما وتذكر اللجنة بأن الإعلان عن المبادئ العامة للمسيرة وتبنيها من كل أطياف الشعب الفلسطيني باعتبارها نوعاً جديداً من المقاومة التي تتبنى سياسة اللاعنف، تشكل تحدياً للجميع واختباراً حقيقياً لنوايا الجميع تجاه هذه القضية القانونية والإنسانية العادلة، نأمل أن يتم الالتزام بها في كل مراحل هذا الحراك الشعبي وفي كل المواقع.

وإننا لعائدون.. لعائدون.. لعائدون بمشيئة الله، وبعزيمة المخلصين من كل أبناء شعبنا المصابرين المرابطين داخل الوطن وفِي الشتات وبدعم أحرار العالم في كل مكان.

من جهة اخرى تتزايد حدة القلق والخوف الصهيونية من هاجس مسيرات العودة الكبرى، التي يستخدم فيها الفلسطينيون سلاحاً جديداً لأول مرة للضغط على الاحتلال من أجل فتح الحدود أمام عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى أراضيهم ومنازلهم التي هجروا منها، بالتزامن مع اقتراب الذكرى السبعين للنكبة.

وبعيداً عن عنصر القوة التدميرية الذي تتفوق فيها “إسرائيل”، فإنّ مسيرة العودة مهيأة لأن تجرها إلى مربع الحرج الأخلاقي والأمني والعسكري، حيث لن تنفع هذه القوة أمام مئات الآلاف من الراغبين بالعودة إلى ديارهم، بقرار دولي يجيز لهم هذا الحق.

حراك قانوني

“دولة الاحتلال تخشى هذه المسيرة كونها تمثل حراكا سلميا قانونيا جماهيريا، إذ يعتزم حشد أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم في غزة والضفة والشتات الفلسطيني وحتى في دول العالم، من أجل تطبيق قرارات دولية ترفض إسرائيل تطبيقها”، يقول المحلل السياسي وسام أبو شمالة.

ويؤكّد أبو شمالة في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ الطابع السلمي لم تعتد عليه “إسرائيل”، ويضيف: “هذا كابوس يقلق الاحتلال في كيفية التعامل مع الفلسطينيين السلميين الذين يعتزمون العودة إلى ديارهم وقراهم متسلحين بالقانون الدولي والإنساني”.

وكشفت القناة الثانية العبرية، أن الاحتلال “الإسرائيلي” طّور طائرة مسيرة قاذفة لقنابل الغاز، بهدف قمع المسيرات اليومية التي من المنتظر أن يشارك فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين عند الشريط الحدودي لقطاع غزة المحاصر.

وأوضحت القناة أن الطائرة المسيرة مجهزة بـ6 قنابل مسيلة للدموع، وذلك لقمع المظاهرات السلمية التي دعت إليها الفصائل الفلسطينية ومبادرات شبابية ومجتمعية فلسطينية مختلفة.

الأمر الذي عدّه المحلل أبو شمالة، محاولة للهروب من الاستحقاق التاريخي والإنساني والدولي، ويقول: “الكابوس لدى الاحتلال يتمثل في أن هذا الحشد فيه مساحة واسعة من البعد الأخلاقي حيث يسوق (جيش الاحتلال) للعالم بأنه جيش أخلاقي، لأنّ هذا سلاح جديد يحرجه أمام العالم”.

ويؤكّد أنّ الرهان ببقاء الاعتصام واستمرار التحشيد المتراكم له، حتى يتخذ المنظمون القرار المناسب في الوقت المناسب من خلال آلية التقدم المتدرج حتى عبور الخط الزائل.

مربع التفوق

أحد أبرز المنظرين لمسيرة العودة أحمد أبو ارتيمة، أكّد أنّ ما يخشاه الاحتلال في مسيرة العودة “أنّها تستنزفه وتجره إلى المربع الذي نتفوق فيه نحن الفلسطينيون”.

ويضيف في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، “الاحتلال يستطيع التفوق في التدمير والحروب العسكرية، لكننا اليوم نجره لمواجهة أخلاقية بين الحق المجرد نحن كفلسطينيين متمسكين بأرضنا وحقنا التاريخي، وبين دعاية زائفة نسجها الاحتلال حول العالم يزعم فيها أن يواجه مجموعات مسلحة ويزعم أن دولته ديمقراطية، وإذا كانت تزعم ذلك فعليها أن تتذكر أن الدول الديمقراطية لا تستهدف اللاجئين السلميين”.

ويشير أبو ارتيمة، أنّ إعلان الاحتلال عن كشفه أسلحة جديدة لمواجهة المشاركين في تلك المسيرات يأتي ضمن الحرب النفسية، مبيناً أنّ الفلسطينيين تعودوا طوال معاركهم مع الاحتلال على آلة البطش الصهيونية.

ويتخوف جيش الاحتلال من إيواء الآلاف من سكان غزة في الخيام، وهذا يعني أن مئات الفلسطينيين، بما في ذلك المسنين والنساء والأطفال، سوف يسيرون إلى الشريط الحدودي، يوميًا، ضمن فعاليات “مسيرة العودة”، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

إلا أنّ أبو ارتيمة، يقول: “نحن لا نقيس الأمور بتهديدات الاحتلال بل نقيسها بفعالية هذه الوسيلة، وهذه الحالة من الرعب والسعار التي نراها من جانب الاحتلال أمنيا وإعلامياً، تؤكد لنا أن هذه الوسيلة مؤثرة وناجعة وهو ما يزيدنا تمسكاً بها”.

سلاح استراتيجي

عضو لجنة التواصل الدولي في تنسيقية مسيرة العودة الكبرى عصام حماد، يؤكّد أنّ ما يرعب الاحتلال، أنّه لم يعتد من الفلسطينيين استخدام هذا السلاح الاستراتيجي، سبيلاً لاسترداد حقوقه متسلحاً بالقرارات الدولية والحق القانون والإنساني.

يضيف حماد في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّه “ليس هناك مجال أمام الاحتلال لمواجهة مئات آلاف الفلسطينيين المتسلحين بالحق الدولي، وهو ما وافقت عليه إسرائيل نفسها لسلسلة الاستيضاحات التي قدمتها لقبول عضويتها في الأمم المتحدة”.

وفي قلقٍ واضحٍ من قادة الاحتلال الصهيوني، فإنّ وزير حرب الاحتلال أفيغدور ليبرمان قال في تعقيبه على مسيرة العودة الكبرى المرتقبة على حدود غزة إنه “يجب معالجة كل شيء بهدوء”.

وأضاف ليبرمان: “نحن مستعدون لأي سيناريو وهناك زيادة في الاستعداد للتعامل مع أي طارئ”.

وبهذا الصدد ينصح المهندس حماد، دولة الاحتلال بالاتجاه إلى أسلوب آخر غير المواجهة، أمام هذه المسيرات العارمة من كل حدبٍ وصوب.

وكالات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى