مخرز الثقة وکف الشعب !

مخرز الثقة وکف الشعب !
شبلي العجارمة

“أشبعناهم شتماً وفازوا بالإبل “, عمق الخطاب الحکومي وسطحية النصوص أمران متساويان ,فکل ما يٶرق عقل النخب السياسية هو بروتوکول الخطاب المنمق ,الاعتراف بإخفاقات الحکومات السابقة وإلصاق کل الأخطاء والعثرات والهفوات علی قفا جدار الحکومة الراحلة ,وتعليق الخطايا علی شماعة الحکومة الماضية ,علماً أن ما اختلف هو القناع ,فقناع رٶوساء الحکومات السابقة هو ذات القناع الذي ترتديه رٸاسة الحکومة الحالية ولکن بأجساد مختلفة وخطاب مغاير.
ردود النواب باتت مع الأسف الشديدهي ما يٶرق فکر الشارع الأردني بکل أطيافه ,والرهان علی نرجسية الخطاب واستعراض عضلات المنبرية التي خذلت المقال لذات المقام المراد ,وهذه الحالة تنسلخ علی کل المجالس السابقة بما فيها المجلس الحالي , ليس لشيء ولکن من لا يقرأ المشهد الراهن جيداً ويراجع التحولات والمتغيرات علی الصعيدين الداخلي والخارجي ويشخص الحالة ويضع أصابعه علی مکمن الوجع الحقيقي ويلوح بالحلول العقلانية التي ستجر الاستقرار والخبز وإعادة إنتاج مٶسسات الدولة المتبخرة والکهلة فلا أدنی فاٸدة مما يتم اجتراره والترنم به علی أسماع شعبٍ يکابد خذلاناً لم يسبق له مثيل من قبل .
أذکر ذات يوم قال لي أحد نواب المجلس السابق عن نکتةٍ سياسية حقيقية مفادها أن وزيرة الإعلام قبل وصولها لحمل حقيبة الإعلام وفي إحدی المٶتمرات الصحفية قالت لذات المجلس الذي کان بصدد مناقشة خطاب الموازنة “متی بدکوا تصيروا زلم وتسقطوا الحکومة وتجمعوا علی حجب الثقة?”,علی التعديل الوزاري الأول تسيدت مشهد الۭإعلام وتم تکليفها بحقيبة وزارية بنفس الحکومة وتسولت الثقة من ذات المجلس الراحل للحکومة التي کلفتها بالمنصب .
نحن لا نعلم کيف يتم منح أو طرح الثقة بحکومة تحمل من السياسة خطاباً فقط ,وجعبة خاوية إلا من الوعود المزرکشة الفاقدة للأدوات أصلاً ,وتحظی هذه الحکومة برٸيسها وفريقه اللذان لا يعرف أحد عنهم سوی التنقل والتحضير السياسي من مرحلة لأخری حتی مرحلة التلميع والسنفرة الأخيرة ليتسيدوا مشهد المرحلة .
نشفق علی الحکومة برٸيسها مما نسمع من النواب الذين يحملون هم الوطن ونشم راٸحة الحقيقة في جدية خطابهم لدرجة أنك تقول لو أنا مکان رٸيس الوزراء إلا أغادر وأقدم استقالتي علی الفور .
بعد هذا المارثون الکلامي والذي نلحظ من بعض شيفراته العابرة التحول والتغير والتناقض للبعض منهم إن لم يکن الأغلب ,ما هي إلا لحظات حتی نشهد ماراثون أکثر صدمة وهو تسابق النواب علی تقديم التهاني للرٸيس الذي حاز الثقة دون عناءٍ أو کد .
بما أن الأعمال بخواتيما ,فخاتمة المشهد ثقة وطي ملف الحکومة بغرز مخرز الثقة في كف الشعب الذي لا زال يرمم علاقاته الاجتماعية ويلملم جراحاته بعد العراك وليس الحراك الانتخابي للعقلية التي لا زالت تجيش أدواتها للظفر والنصر بهذه المعرکة دون أدنی معايير عقلانية تراعي کل الأبعاد الوطنية العليا ,فها قد ختمت الجولة الأولی بلکمة الثقة القاضية للشعب وللسلطة التشريعية بالذات لمن صوتوا للثقة بالمنح .
حين نتوقف عند باٸع خضار علی إحدی جنبات الطرق نريد صندوق “بندورة” نقوم بتقليب هذا الصندوق إما قبل البيع أو بعد أکل الخازوق الذي نکتشفه في البيت , فنجد أن هذا الصندوق موجه بطريقة فنية وبشکل لافت وجاذب للنظر ,الحبات الحمراء الناضجة ذات الحجم الکبير الخالية من التقرحات علی وجه الصندوق أو البکسة وما خفي کان أنکی وأسخم ,فهذا يحيلنا لمشهد أن الحکومة التي تحصل علی الثقة بيسر وسهولة لن تعبأ بالشعب ولا صوته وسوف تکمل ذات النهج الذي لا زال يغرقنا بالوحل أکثر مما مضی !.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى