لماذا زماننا كان أحلى ؟ / نبيل عماري

لماذا زماننا كان أحلى ؟


عندما أكتب يفوح من قلمي رائحة ياسمين أبيض مجبول ب عطر الطين بعد أول شتوة وتشدو أعشاش السنونو اغنيات لزمن جميل راقي وقنديل كاز وضوء شمعة في ليالي أجبر ضوء الكهرباء أن ينام ، أكتب عن الحقول ورائحة الفريكة عن سفوح العنب والتين عن ينابيع وجداول عن حصيدة وحصادون وأغاني بقيت بالبال عن حقول سماق ولوز في عجلون وعن الزيتون عن حكم وأمثال عن قجتي الفخارية والتي عبئتها بالتعاريف وكسرتها لأشترى بها كتب ومجلات ، عشت الفرح بساعة جميلة وببوط صيني بصناعة طائرة ورقية حين تشتي الدنيا لأول مرة حين تأتي العطلة الصيفية وفرح العيد وأواعي العيد عشنا الفرح والسهر والبهجة وراحة البال ، عشنا قلم الرصاص ودفاتر الحساب والطبيعة ورائحة المواسم وندى المقاثي وخيرات الأرض البعل بلا كيماوي ، حتى الورقة التي نكتب عليها كانت أكثر رحابة وكان الحب ورقة معطرة وقلم وشعر نزار قباني وأغنية عبد الحليم فاتت جنبنا ترسل عبر الرمي لكي تلتقطها الحبيبة أو يرسل هيامه عبر الأثير فالورقة البيضاء أجمل أختراع ، عندما أكتب احاول أن أسترجع وقائع حياة عشناها نتمنى ان ترجع بحلوها ومرها والذي لم يكن قاسي مثل الحاضر ، أكتب عن زمن الطيبة والنخوة والرضا والمحبة حيث رغيفك الذي خبزته ليس لك بل للجيران ، فالحنين يجعلني أرى تلك الأيام جميلة ورحبة فيها إلفة ومحبة وحارة تصحو كل فجر على بسمة وسجع بائعين ورائحة القهوة تنادي نساء الحارة لصبحية ، وصوت راديو يناغي طيور الفجر بصوت محمد قنديل يا حلو صبح يا حلو طل بين الأزقة الترابية وبيوت الطين وغيوم يلنفلت منها شعاع شمس بعد شتاء بارد تسقط على شبابيك البيوت تدخل القلوب لتدفئها لتلمع أشجار الصنوبر ببريق الشمس وأطفال يغنون شمست شميسة ، وربيع ولوز أخضر وثم سمكة وقرنفل وعطرة ونسمة طرية تلامس أشجار السرو والكينا وتشاركها الحفيف وصوت فريد الأطرش يغني الربيع وأول همسة وصوت أغنية جميلة لم تعد أذاعتنا تزهو بها وهي حبيبي حب هالديرة وهواها إلى أن يصل وأنا قلبي متيم في هواها أحب الصيف والشتاء جبل عجلون ناداها وعشقها ومن الدحنون زينها بحلقها . ورائحة سمك بيروتي مقلي ولوحة بألوان جميلة من المازات والسلطات ، وصيف ينادي الحصادين وقمر الحصادين وخيرات متلاحقة فكما كان الربيع مزركشاً بالأخضر والصيف بالذهبي، ذهبنا كان القمح الأردني الرائع ، وخريفنا كان خريف المونة برغل سليقة تطالي ووووو هكذا كان زماننا أحاول أن أستعيد بعض من ملامحة من عمر مضى لا يكاد يعرفه هذا الجيل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى