للحزن في عينيها سر ، وأي سر ؟!/ ماجدة بني هاني

للحزن في عينيها سر ، وأي سر ؟!

إهداء : إلى سميرة “أنثى ، كانت حسناء ، فارعة القوام ،لطيفة القد ، تعتلي وجنتيها مسحة من حزن قديم ، وتعتلق أهدابها دمعة صامتة ، وبينهما رغبة عميقة في الانعتاق ” منقول تلك الفتاة كانت في الخامسة عشرة من العمر …..حين اكتحلت لأول مرة…. المرود عود مغمور في مسحوق أسود كالليل …معبأ في مكحلة من الفضة ، مذخور للفرح .. حين ارتاد المرود مقلتيها آنذاك ، لم يداعب جفنين ناعسين فحسب ، بل ارتاد روحا غضة ، ساحبا أياها في نشوة الكون ومراقب الأمنيات، وعوالم الدهشة ! حين تكتحل صبية لأول مرة ، تحاول أن تقنع نفسها بأنها خرجت من طور طفولتها ، معلنة للبشر عن بزوغ فجر أنثى معطاء ، لسان حالها يقول : أيها الرائين تفسحوا… فها أنا ذي … ذلك اليوم تاريخي ، فقد شهد ولادتها الحقيقية ، حين فقدت أعز أحبابها ، يوم اختطف الموت أخاها في حادثة مروعة ، في نفس اليوم الذي ذاقت فيه فرحة النجاح .. بدا ذلك الصباح فيروزيا رائعا ، ليتحول قبيل الغرروب فاحما بلون الكحل الذي تدفق من عينيها وسيلا مدرارا من اللوعة والأسى … لقد خانها الفرح مبكرا ، وولدتها المأساة من جديد ، ورسمت مسحة حزن على محياها رافقتها طوال عمرها … النوائب هي من تصنع البشر ، لأن لحظة الفرح قصيرة مهما طالت ، في حين تغلف الأحزان أيامنا وتترك ندوبا قاسية في النفس تأبى أن تزول …. ومضى قطار الأيام حثيثا ، يكنز المزيد … وفي كل مرة كانت تمر جانب المكحلة تتذكر خيبتها الأولى ،وذاك النداء الملح ، ونفرة داخلية تحفزها للانعتاق من شرنقتها …. ذات يوم خفق قلبها للفرح من جديد ، فعادت تتلمس أنثى في داخلها ، وتاملت نرجسيتين اتعبهما السفر والانتظار ، فقررت أن تعقد معاهدة صلح لتعود إلى مكحلتها ، تزينت ، ورقصت أهدابها طربا للآتي ، ولم تدر أنها كانت على موعد جديد مع الغياب والفقد …. عندها فقط تأكد لها أن ترفع الراية البيضاء ، لعلها تحظى بشئ قليل من الأمن والسلام …ومع من ؟ – مع الأيام !! وتسألين اخيتي عن سرالحزن المخبأ في عينيها !! ليت أسرار العيون تشي بما يعتلق الأهداب من الرؤى والحكايات ، فتكفينا مؤونةالكتابة وقلق الفكرة …ربما لن تكفيها بحور من حبر ، ولا أطنان من الجرائد … فوراء كل دمعة عالقة قصة يتم ، أوخذلان أو انكسار ، أو حيرة …تحتاج فقط لإيماءة صغيرة ، لتحيلك إلى السطر الذي خط فيه القدر حروفها لنعرف أن وراءها عالما مخبوءا من المشاعر …يفضل أن يبقى دفينا خلف أجنحة الزمان …. *سميرة * يا فتاة تملؤها الطهارة والرهافة ، وتغمرها الرفعة والأصالة ، يا ابنة الأكرمين .. كم من الوقت نحتاج كي ندرك أن الدنيا غانية خؤون لا تؤمن على قلب أو روح أو مجرد جرة مرود للكحل في عين حالمة…. وكم من القوة نحتاج لنرفض صلحها ، ونأمن غدرها ..فطوبى لسر في تلك العينين حوى نقاء أنثى ، وشغف أنثى وإن ظل دمعا معتلقا أهدابها…..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى