لسنا أغبياء ولا مغفلين / م . عبدالكريم ابو زنيمة

لسنا أغبياء ولا مغفلين

عُقودٌ مَضت ولا زلنا نعيش في أوهامٍ وأكاذيب ، لم تَصْدُق أي حكومةٍ وعدها ولم تبذل إحداها أية جُهود حقيقية لانعاش الاقتصاد وتحريك عجلة التنمية ، فملهاة الاجندة الوطنية ، الاردن أولاً ، شباب كُلنا الاردن ، الديمقراطية ، النُواب والاعيان واللامركزية وغيرها لم تزد شيئاً إلا مُفاقمة الفجوة وإنعدام الثقة بين النظام السياسي والشعب ، وإتاحة المجال لفئةٍ قليلة لا تتجاوز نسبتها الـ 7% للاستحواذ على الثرواتِ و السُلطة والمناصب ، وبالمقابل لا زالت نسبة كبيرة مُتزايدة من أبناء الشعب جوعى، فقراء ومتسولين .
صبر هؤلاء الجياع على جوعهم وتهميشهم واقصائهم وتغييبهم والضحك عليهم والزامهم يومياً بالاستماع الى أغاني وموشحات لبطولاتٍ وهمية ” وحيطنا مو واطي..وارفع راسك انت اردني وغيرهما ” تخجل من إذاعتها الدول التي وفرت كل وسائل الرفاهية والحياة الكريمة لشعوبها ليعيشوا بعزة وكرامة وكبرياء ، هذه الاكاذيب والطبل والزمر والتصريحات الرنانة لم تصمد أمام وجه الحقيقة التي نعيشها وهي أنّ الواحد بل الإثنين منّا لا يُساوون فشكة “طلقة” – إذ تُعد عبارة ” انت ما تسوى فشكة ” تعبيراً عن الرخص والاهانة لدى الاردنيين – ما فَعلته الحُكومة من تسليم المُجرم الصهيوني الذي إرتكب جريمته في قلب العاصمة عمان إلى حُكومته سالماً غانماً يُعد إمعاناً في إذلالنا وتحقيرنا ، وتأكيداً على أنَّ لا سيادةَ لنا وأننا ننفذ إملاءاتٍ خارجية لا أكثر ، لنتصور أنّ حارس السفارة الاردنية في تل أبيب صَفع مواطناً صهيونياً على وجهه ! هل سينجو من العِقاب ؟ بالطبعِ لا إذ ستحاكمه اسرائيل في تل أبيب وستعزله حكومتنا هو وكل اقاربه حتى الدرجة الخامسة من أي عمل ، وستُلاحقه لعنة ” تعكير صَفو العلاقات ” لبقيةِ حياته !

يُعيدنا هذا المَشهد إلى قضية مَقتل القاضي رائد زعيتر ، يا تُرى أين هو القاتل ؟ هل تَمت مُحاكمته ؟ أم لا يزال حُراً طليقاً ؟ هل سيُحاكم القاتل هذه المَرة ؟ وإنّ كانَ سيُحاكم فعلاً فيجب – قانونياً – أن تتم مُحاكمته في أرض إرتكاب الجريمة أي في عمان وليسَ في تل أبيب ، ومن المُثير للسخرية ما يتداوله البَعض عن الحصانة وعن نية الكيان الصهيوني بمحاكمته ، إذ يُعد هذا إستغباءً وإستحماراً صريحاً لنا ونحن لسنا أغبياء ولا مغفلين! فهذا مجرم قاتل .
أما السادة النُواب الذين إنفجروا غيظاً من الاذلال والمهانة التي لحقت بنا فأقولُ لهم : البُكاء لن يُعيد ميتاً ولن يُبرئ جرح كرامتنا ، وإن كانت هُناك طريقة لرد شيءٍ من إعتبارنا فإنها تكون بإسقاط هذه الحكومة وتغيير النهج السياسي الذي أوصلنا الى الدرك الاسفل من المهانة ، وتشكيل حكومة وطنية – مع التشديد على أنّ تكون وطنية أي معروفة الهوية والإنتماء – ، وإن عَجزتم عن ذلك – وأنا مُتيقنٌ من عجزكم – فعليكم بتقديم إستقالتكم من هذا المجلس الذي لن يغير شيئاً من النهج السائد ، فاستقالة أيٌ منكم ستجعله عنوانا ورمزاً لكل الباحثين عن كرامتهم وعزتهم وستؤسِسُ لمرحلةٍ جديدة عُنوانها مُحاسبة كل من بَدد وسرق ونهب ثرواتنا وفرط بسيادتنا وكرامتنا

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى