لا نستحق كل هذا الاستخفاف!! / مصطفى خريسات

لا نستحق كل هذا الاستخفاف!!
مصطفى خريسات
بالعودة إلى تاريخ ليس ببعيد، عام ١٩٨٨ انطلقت شرارة هبة نيسان من جنوب الأردن لتعم كل البلاد وانخدعنا في حينه بأقوال رجال الدولة الرسميين وسمعناها مباشرة من رئيس الوزراء آنذاك بأن القرار اتخذ برفع الضرائب على أسعار الوسكي والسيجار وهذا استهلاك البرجوازيه ولا علاقه للشعب بها، متجاهلا ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وبالتالي ارتفاع الأسعار الذي ينسحب على كل شيء، بما في ذلك الدينار الذي انخفض قيمته من ٣ دولار الى ١دولار و٣٠ سنت.

بعدها خرج علينا معظم المسؤولين يتحدثون عن إصلاح يبدأ بإجراء انتخابات نيابية حره وتنتهي بمكافحة الفساد بكل أشكاله٠

لكن ما حدث أن أجريت انتخابات ضمن قانون مؤقت ادخل من خلاله التيارات الإسلاميه والقومية واليسارية إلى المجلس، وكان للإخوان المسلمين حصة الأسد فيه، واستحوذوا أيضا على خمس حقائب وزارية خدماتية بالاضافة إلى رئاسة مجلس النواب٠

اعتقد الشعب في حينه أن هذا بداية الاصلاح الحقيقي خاصه وان ذلك المجلس شكل لجنه برلمانية تنحصر مهامها في ملفات الفساد، وانتهى الأمر بسجن رئيس تلك اللجنة وآخرين في قضية عرفت في حينه ب (النفير الإسلامي)، والتي كانت تهدف كما قيل لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وكانت النتيجة ان طوي ملف الفساد بعد سجن رئيس اللجنة وتم حل البرلمان دون علم رئيسه الذي غادر مكتبه في المجلس بسيارة تكسي بعد أن سمع خبر حل البرلمان من نشرة الاخبار!!

مقالات ذات صلة

بعد فتره ادركنا أن الأصلاح كان شكليا لامتصاص تلك الحاله التي عشناها عام ١٩٨٨.

استمر الانتخاب ضمن قوانين مؤقتة جديدة في كل دوره انتخابية كقانون الصوت الواحد وقانون الدوائر الوهميه وقانون القوائم وفي مجملها يصعب ضبطها من التلاعب٠

استمر هذا النهج في ظل شعب يمتاز بالطيبة وقصر النظر وبعدم ربط الماضي بالحاضر وشاهدنا تشريعات كثيره مجحفة بحق الوطن والمواطن ضمن أطر ما اسموه مجالس النواب في ظل غياب حقيقي للشعب الاردني داخل هذه المجالس٠

و للتذكير فقط نرى أن قضايا الفساد الكبرى حدثت بوجود هذه المجالس كبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، والفوسفات والبوتاس والميناء والمطار، وعطاء مصفاة البترول، وقضية الدخان المهرب، وشركة أمنيه ، والكازينو واتفاقيه الغاز وشركة بترول العقبة، وصندوق الاجيال، وشركة الكهرباء الوطنية ، وغيرها من القضايا التي وئدت في حينها والتي تقدر بالمليارات من الدنانير٠

كل هذا حدث في ظل اختيار المسؤولين في حكومة والنواب وعدم معرفتهم بطبيعة الشعب ومدنه وقراه وكأنهم يأتون بمهمة واجندة معينة يغادرون بعد اتمامها ولا يعودون إلى الواجهة ، دون الاكتراث بالوطن ومعاناة شعبه ٠

استمرت مسألة التهميش سنة بعد الأخرى ووصلنا إلى حكومات أكثر من هزلية ومجالس برلمانية اكثر من ضعيفة وانعكس هذا برمته على المسيرة و الوطن والشعب، واصبح المناداة بالاصلاح من الحكومات يأخذ على سبيل التهكم والسخرية من الشعب واصبح الأصلاح بعيد المدى وينادى به من خلال الشارع وليس من خلال السلطات الدستورية وذلك لفقدان الثقه في معايير الوصول إلى النيابية والمواقع المتقدمة في الدولة غير الطرق التي يجب أن تسلك في الانتماءوالكفاءة ٠

وزادت المعاناة وفقدنا الأصلاح.

وصلنا إلى مرحلة كشف الغطاء عن كل التيارات وبالأخص الاسلامية منها ولم تعد ذات قيمه لدى الشارع بسبب وصول الديجيتال والنيولبراليين إلى مفاصل الدولة وتوغلهم فيها واصبح الوزير او الرئيس او النائب يعملون ضمن أطر تعليمات وأجندات جاهزه تخدم هذه الفئة وتلك في غياب المصلحة الوطنية. ٠

واصبحت هذه الفئة هي المسيطر الأساس، وتراجع ما يسمى الانتماء للوطن والكفاءة، و البعض الذي يزداد يوما بعد يوم يلهث على حساب الكرامة الوطنية لتحقيق مصالحه الشخصية في ظل فساد أكثر علنآ ووقاحة وشراسه٠

ووصلنا إلى مرحله من التخبط السياسي المرتبك الذي دفع بالمنافقين ان يسيطروا على هذا المشهد ولم نعد نرى غيرهم يعبثون به٠

للأسف نعيش مرحلة البحث عن المصالح الشخصية وهي القاعدة الجديده في البلاد دون أدنى اكتراث لمفهوم الوطن والوطنية وبالتالي ما نراه اليوم في معظمه هو صراع مصالح وأدوار وليس صراع لبناء الوطن والمحافظة عليه ٠

وما يحدث من صراع داخل الطبقة المخملية يأتي في إطار تصفية الحسابات فيما بينهم ولم يكن الشعب ولا الوطن ضمن هذه الحسابات لأن هذا الشعب لن يكون ممثلا على نفس الطاوله التي يجلسون ٠

في المحصلة فأن ما يحصل هو استخفاف بالشعب وفقدان لهيبة الدولة ضمن فئة اعتقدت وتسوق علينا أنها رجال دوله وهم في حقيقتهم موظفين ورجال بزنس وليسوا برجال دولة وما شاهدناه خلال الايام الماضية من انقلاب بالمواقف يؤكد ذلك ٠

اذن لا زلنا ندور ضمن إطار نيسان عام ١٩٨٨ بل صار اليوم أكثر ألما وجوعا وعطشا للعدالة والمساواة لوطن نحبه ونراه متهالك ومريض لكن ليس باليد حيله ٠

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى