كسبنا النكات وخسرنا الحكومات / * أ . د حسين محادين

كسبنا النكات وخسرنا الحكومات

* أ . د حسين محادين
في التشخيص العلمي وغير المجامل وكجزء من دراسة علمية لي حول الضحك عند الأردنيين يمكنني القول، تتصف الشخصية الأردنية عموما في ثنائية الجديه والجوانية معا:-
1-الجديه بحكم إستمرار وسيادة قيم الصحراء الكامنة داخل شخصية “البدوي الصغير”التي يحملها كل أردني وأردنية عموما ويتصرف على هديها بغض النظر عن مستواه التعليمي وحتى الاقتصادي وفي الذروة من هذا الواقع الواخز إيمان الاردني بالمغالبة وليس الحوار مع جسده والاخرين،وما عقلية “الفارس” التي تبدأ من فراش الزوجية مع زوجته المتنثلة بالطلاق الصامت او الفتور العاطفي بين جل الازواج في أسرنا ولا تنتهي بجرأة الاردني في الاعتداء على المال والشارع العامين في آن ترجمة لتلك الفروسية الصحراوية التي لا تؤمن غالبا بالمؤسسية والقانون المدني مقابل اهتمامها بالعرف والجلوات والصلحات العشائرية رغم كثرة اعداد المحاكم القانونية وكليات الحقوق وإعداد خريجيها في جامعات بلدنا وكل تلك السمات والعوامل الثقافية السابقة تقف بالضد من إظهار ضحكاتنا علانية انطلاقا من الأسرة وانماط تنشئتها الصارمة لنا ،وليس انتهاء بوسائل إعلامنا المدعمة لتربيتنا الجادة والمبالغ في تسويقها جماهيريا وشعبيا .
2-وجوانية، لأن الاردني والأردنية كريمان بالطعام ضمن إمكاناتهما، وبخيلان في إظهار مشاعرهما المؤذية أو حتى الفرحة على ندرة الأخيرة عمليا نحو الآخرين علانية، بما في في هذا الإشهار لفرحة ما من تقليل لهيبة كل منهما كما يعتقدان، “فالبدوي الصغير” الصارم والقابع بداخل كل منا هو عمليا من يوجه سلوكياتنا العلانية الزائفة والضاغطة على حواسنا كي لا نبكي او نضحك في العلن وتنقل بذلك هيبتنا ، وفي السياق نفسه ،لاننسى مثلا التأثير السلبي لندرة استخدام الأردنيين حتى “لبرندات” المطلة على الشوارع والمحاورة السماء والآفاق، وهذه البرندات رغم توافرها الا أن لدينا ندرة في استثمارها في ابهاجنا بحجة الجيران والخصوصيات لذا يفضل اهلنا الجلوس داخل بيوتهم صيفا وشتاء، ولعل في نظام “برادي” شبابيك بيوتنا دليل مضاف على جوانيتنا الموغلة في الخفاء والتلذذ به وبحجةةتجنب الحسد وعيون الناس..فالملاحظ في بيوتنا وضع بردايتين أو أكثر من القماش على كل الشبابيك التي وضعت بالاصل للعبير عن الانفتاح والتفاعل مع الضوء وتجليات الطبيعة والآخر خارج بيوتنا لتكتمل بهذا الواقع القاتم عملية الاختباء في الداخل فرديا ومساكن، مكتفين أو مستعضين عن الانفتاح في تكرار مغازلة ومشاهدة اثاث بيوتنا الفخم كما نزعم ،عوضا عن الاهم وهو إستحمام حواسنا وعقولنا مع فضاء الخارج وجمالياته الانسانية والطبيعية الملهمة كوسائل حضارية تساعدنا على تعلم بالمرونة والتثاقف مع الآخرين جيرانا أو حيوات عمر.
اخيرا، اللافت في الآونة الأخيرة عند اهلنا الأردنيين هو ارتفاع منسوب النكات السياسية على الحكومة ورموزها المختلفة مقابل هبوط شعبية الحكومات نفسها وكأننا أمام علاقة عكسية بينهما، فالضحك الناجم عن النكات السياسية الجديدة علينا والموجعة لنا في دهشتها غالبا إنما هي الوسيلة الشعبية والدفاعية عبر اللجوء لتعبير الساخر عن دواخل وظواهر الأردنيين نحو المواقف السياسية الحياتية الاشمل التي يعيشونها، فالنكات الناقدة بسخرية لاذعة للحكومة والسياسة الدولة هي جزء من المسكوت عنه رو بنية وتحليل معاني ودلالات مستقبل لوطننا- ربما بسبب دعابتها في التعبير ممكنه سياسية مروحية بالكثير للعموم وحداثة عهدها اردنيا- فالنكته السياسية من الطاقات الإبداعية الموجه والقائدة للرأي العام الاردني ضمنا، والتي يسخرها مطلقوا النكات الهادفة للتهكم أو التوعية معا وللتعبير الجمعي عن مواجعهم، اضافة لسعيها الوصول لمختلف شرائح المجتمع الاردني ونحو ثقافاته الفرعية التي يتميز بأنها اربع هي، بادية، ريف، حواف مدينة ومخيمات.
*اخيرا باختصار علمي كثيف ،.يبدو أننا كسبنا النكات السياسية وخسرنا توقعاتنا العالية كمواطنين محتجين على نهج واستخفافات حكومة”الملغي” الجبائية السابقة بمطالبا مضيفا اننا خسرنا ايضا توقعاتنا بتشكيلة الموجعة الدكتور الرزاز مع الاحترام لشخصه..لهذا وذاك خسرنا الحكومات وربحنا النكات.
*قسم علم الاجتماع-جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى