كاد ينجو ولمَّا

بسم الله الرحمن الرحيم
كاد ينجو ولمَّا

ضيف الله قبيلات

ميمون بن قيس بن جندل .. لقبه ” الأعشى ” لضعف في بصره وكنيته ” أبو بصير ” .. والده قيس بن جندل يقال له “قتيل الجوع” سمّي بذلك لأنه دخل غاراًً يستظل فيه من الحر فوقعت صخرة عظيمة من الجبل فسدّت فم الغار فمات فيه جوعا .

” الأعشى ” أحد فحول الشعر في الجاهلية وأحد شعراء المعلقات .. يسمونه ” صناجة العرب ” لجودة شعره .

مقالات ذات صلة

مطلع معلقته المشهورة :
ودّع هريرة إن الركب مرتحلٌ … فهل تطيق وداعاُ أيها الرجل .

أدرك ” الأعشى ” الإسلام في آخر عمره ورحل يريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد صلح الحديبية .. فلمّا علمت قريش بخبره قالوا : ” هذا صناجة العرب ما مدح احدا قط إلا أرتفع قدره وانتشر ذكره “.. فرصدوه على طريقه فيهم أبو سفيان فقال له إلى أين يا أبا بصير ؟!

قال : ” أردت صاحبكم هذا لأُسْلم ” .. قال أبو سفيان :” يا ابا بصير لا طاقة لك بكثرة المحرمات “.. قال : ” وما هن ؟” .. قال أبو سفيان :” الزنا ” .. قال أبو بصير :” لقد تركني الزنا وما ترتكته ” .. ثم ماذا ؟ قال ” القمار ” .. قال أبو بصير :” لعلّي إن لقيته أن أصيب منه عوضاً عن القمار “.. ثم ماذا ؟ .. قال :” الربا ” .. قال الأعشى :” ما دنت ولا أدنت ” .. ثم ماذا ؟ .. قال أبو سفيان :” الخمر ” .. قال الأعشى :” أرجع إلى صبابة قد بقيت لي في المهراس فأشربها ” .. قال أبو سفيان :” يا أعشى هل لك في خير مما هممت به ؟ ” .. قال :” وما هو ؟ ” .. قال أبو سفيان :” نحن وهو الآن في هدنة – يعني صلح الحديبية – فتأخذ مئة من الإبل وترجع إلى بلدك سنتك هذه وتنظر ما يصير إليه أمرنا .. فإن ظهرنا عليه كنت قد أخذت خلفاً وإن ظهر علينا أتيته .

قال الأعشى :” ما أكره ذلك فرضي بهذا العرض السخي ورجع “.

عاد أبو سفيان إلى مكة وقال :” يا معشر قريش هذا الأعشى والله لإن أتى محمداً واتّبعه ليضرمنّ عليكم نيران العرب بشعره .. فاجمعوا له مئةً من الإبل “.. ففعلوا فأخذها الأعشى وانطلق إلى بلده .. فلمّا صار بقاع “منفوحة” رمى به بعيره فقتله وكان ذلك في سنه 7هـ فخسر الإسلام وما انتفع بالإبل .

استخدمت قريش كل أساليب الترهيب والترغيب لإبعاد الناس عن دعوة الحق ومنعهم من الالتحاق بها .. فكانت تعذب من تستطيع تعذيبه وترهب من تستطيع إرهابه وتقاطع وتحاصر من تستطيع مقاطعته وحصاره وترغّب من يمكن ترغيبه وتشتري من يمكن شراءه .

وبما أن الصراع بين الحق والباطل مستمر إلى يوم القيامة .. ألا ترون معي أن قريشا هذه موجودة الآن في عمّان .. وتستخدم نفس الأساليب .. وكم من “أعشى” وقع في حبائلها لتبعده عن الالتحاق بموكب الحرية والأحرار حتى وإن انتفع بهذا الفتات الذي تلقيه إليه .. فعمّا قريب هو صائرٌ إلى الموت .

وفرق كبير بين أن تصير إلى الموت وأنت مع أهل الحق أو أن تصير إلى الموت وأنت مع أهل الباطل .. والمرء يحشر مع من أحب .

عندما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخبر ” الأعشى ” قال :” كاد ينجو ولمَّا “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى