عندما يجتمع الفجور مع الفساد

عندما يجتمع #الفجور مع #الفساد
الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

الحديث عن #الفساد في الأجهزة العامة والخاصة أصبح حديثا مكررا ممجوجا مله القراء والناس وإن إستمر أنينهم ووجعهم من تبعاته وآثاره على حياتهم ومعاملاتهم وخزينة الدولة وعجز موازنتها ومديونيتها ،ناهيك عن الشعور بالظلم والعجز والهزيمة أمام جحافل #الفاسدين .

#معركة #الأردنيين مع #الفساد طويلة ويبدوا أن أجهزة الدولة الرقابية لم تعد قادرة على ضبط إيقاع #مكافحة الفاسدين الذين يخيطون فسادهم بشكل لا يترك أثرا لجرائمهم فلا توقيع لهم على المعاملات ،ولا أثار لجرائمهم على مسرح الجريمة، ولا إثباتات على تزويرهم ،وإخفاء الأدلة ،وطمس الحقائق والقرائن، وشراء الذمم.لا نريد الإسهاب في الحديث عن هذه الفئة المجرمة من الفاسدين فالقارئ يدرك تماما حجم الفساد ويدرك أيضا أن الفاسدين منتشرين في أجهزة الدولة التنفيذية وربما التشريعية فكثير من مواطنينا يعرفون شخوصا واجهوا شبهات فساد متعددة ليشغلوا لاحقا مواقع تشريعية وتنفيذية يشرعون للأمة ويتحدثون على الوطن والعدالة والشفافية .
هذه المقدمة هي توطئة لموضوع المقال المتعلق باجتماع حالة الفجور مع الفساد في مجتمعنا. نعم إخواني أن يصبح الفساد مألوفا وأحيانا مقبولا فهذا مصيبة بحد ذاته لكون الفساد وقيمه الفاسدة تتسلل إلى قيم المجتمع ،وتشوه البنيان الأخلاقي والمعايير المجتمعية والدينية والإدارية.لكن المصيبة الأعظم تكمن في اقتران حالة الفجور في الفساد بمعنى الجهار بالفساد تحت أسماء ومسميات خبيثة ماكرة ،والأدهى من ذلك أن يدعي بعض الفاسدون بالظلم والمظلومية ويحشدون كل ما يستطيعون من حجج وقرائن لا تستوي والحقائق على الأرض، ولا تستوي مع سلوكياتهم وتصرفاتهم أثناء خدمتهم في المؤسسات ،حيث دأبوا على منع الحقوق بغير وجه حق أومنحها بغير وجه حق .
إن مصطلح الفجور الذي نتحدث عنه هنا يعني الميل عن الحق والاحتيال في رده ،والفسوق والكذب واختلاق الكلام ، وهذه المعاني والصفات للأسف تتوفر في بعض الفاسدين الذين يتخذون من بعض الأدوات القانونية والإجراءية وسائل للتغطية على فسادهم.بعض الفاسدين الذين يحكمون قبضتهم على بعض الأجهزة العامة والخاصة ،سواء بسيطرتهم على المسؤولين أو بالتقرب منهم وتزيين الأمور لهم ،يتباهون بأنهم يفعلون ما يريدون دون أن يكون لهم أي توقيع على المعاملات وبالتالي إخلاء مسؤولياتهم القانونية.آخرين من الفاسدين يتحكمون في مفاصل الأمور في التعيينات والمناقلات من خلال تأثيرهم على صانع القرار.
المؤسف في اجتماع الفجور مع الفساد أن الفاسدين لا يكتفون بما حققوا من مكتسبات على حساب الأجهزة والمؤسسات التي عملوا بها ولكنهم يحاولون النيل من الكتاب وقادة الرأي في المجتمع الذين ينتقدون الفساد ويؤشرون إليه وإلى مواطنه دون ذكر اسماء شخوص أو مؤسسات. الكتابة وانتقاد الأجهزة وأداء العاملين في القطاعين العام والخاص حق دستوري يتمتع به كافة الأردنيون ،لا بل فإن ممارسة هذا الحق من قبل الإعلاميين والكتاب يخدم نظامنا السياسي ويخدم الأجهزة الرقابية ،وبالتالي فهو يؤدي خدمة جليلة للمجتمع بشكل عام.
لا اعلم كيف يمكن أن يلجأ بعض الذين تدور حولهم الشبهات إلى القضاء إذا لم تذكر أسمائهم أو صفاتهم أو وظائفهم التي يمكن الإستدلال بها على شخص شاغلها ! لا أعلم كيف يمكننا أن نحد من ظاهرة الفساد إذا كان الحديث عنه وتناوله بالبحث والنقاش يصبح تهمة وتشهيرا وقدحا وذما ،وأتساءل هنا كيف يمكن محاصرة ظاهرة الفساد والمجاهرة به(الفجور) إذا تمت ملاحقة الكتاب والصحف والمواقع الإخبارية التي تنشر مقالات أو أخبار تؤشر إلى شبهات فساد ؟ .وفي الوقت الذي ندرك أن الفساد ظاهرة عالمية ،وندرك أيضا أن ترتيب الأردن على مؤشرات الفساد التي تعتمدها مؤسسات دولية مرموقة لا يبعث على الإرتياح ،رغم الجهد الجيد المبذول من المؤسسات الرقابية المعنية ،فإننا نحذر من انتشار ظاهرة المجاهرة لا بل الفجور في الفساد في وطننا العزيز ،حيث لا يعدم الفاسدون وسيلة في استغلال بعض الثغرات القانونية لتجنب إدانتهم وإنفاذ العقوبات المترتبة على اقتراف جرائم فسادهم.
نعم نحن ندرك أن المنظومة القانونية والتشريعية الخاصة بسلوك العاملين في الأجهزة العامة والخاصة تفسرالمعطيات التي لا يتوفر فيها دليل قاطع على الجرم تفسره لصالح المتهم(To give him the benefit of the doubt) لكن ذلك ينبغي أن لا يمكن أي جهة من استغلاله للإفلات من العقوبة. وصدق رب العزة وهو القائل “وإن الفجار لفي جحيم”وقوله عز وجل في موقع آخر “كلا إن كتاب الفجار لفي سجين”..

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى