ربنا يكثر شيوخكو

ربنا يكثر شيوخكو

م. عبد الكريم أبو زنيمة

يُحكى أن ابنتيّ شيخين من #قبيلتين متخاصمتين تلاقتا عند غدير ماء، وهناك حصل بينهم جدال انتهى برفع كل منهن يداها للسماء داعيةً على الأُخرى، فدعت الأولى على الثانية قائلة: ربنا يكثر عليكوا الغزو! أما الثانية وكان معروفاً عنها أنها عابدة متدينة وغالباً ما يستجاب دعائها فقالت: ربنا يكثر عليكو شيوخكوا! رجعت كل منهما إلى قبيلتها وحدثت أباها عما جرى عند الغدير، فقالت الأولى بأن فلانه دعت بأن تكثر علينا الغزوات، تبسم والدها! وعندما رأت ردة فعله غير المبالية سألته: لماذا تبسمت ولم تغضب يا أبي؟ فقال: ولم أغضب؟ إن الغزو من عاداتنا ونحن رجاله، ودعائها هذا سيزيدنا احتراساً ويقظة وتدريبًا لفرساننا وسنهزم الغزو تلو الغزو مما سيعلي هيبتنا وشأننا بين القبائل. أما الثانية وما إن أنهت كلامها لأبيها عما جرى عند الغدير حتى بدأ بلطم وجهه وحث التراب على رأسه ورفع يداه للسماء داعيًا الله أن يجيره من دعاء تلك الفتاة التي قالت “ربنا يكثر #شيوخكو”، وما إن هدأ روعه وابنته تنظر إليه مستغربةً من ردة فعله سألته: ماذا جرى ولماذا كل هذا التشاؤم يا أبي؟ وما الضير أن يكثر الشيوخ في قبيلتنا؟ فقال لها: إن كثرت شيوخنا حلت علينا المصايب وناحت علينا البوم والغربان يا بنتي! لم تفهم البنت قصد أبيها وقالت له وكيف هذا؟ وهنا بدأ يشرح لها ماذا يعني كثرة الشيوخ في القبيلة فقال لها: كثرة الشيوخ تعني انحسار قوة القبيلة وانتزاع هيبتها بعد أن يتفرق ولاء فرسانها للأفراد بين هذا وذاك بعد أن كان ولائهم للقبيلة وعزها ومنعتها وبذلك تصبح فريسة سهلة للاخرين، كثرة الشيوخ تعني شراء الذمم لهذا أو ذاك فترخص الرجال، كثرة الشيوخ تعني قلة الأمان والفقر من تفشي وكثرة السرقات حيث سيتستر كل منهم على حراميته ولصوصه لما سيجلبونه له، كثرة الشيوخ تعني غياب العدل لإرضاء هذا أو لمصلحة ذاك والصمت عن قول الحق، كثرة الشيوخ تعني غياب الحكمة وانتشار الانانية والفتن والتآمر والغدر والخيانة ، كثرة الشيوخ تعني غياب المرؤة والشهامة والاستقواء بالغريب على القريب، كثر الشيوخ يعني ضياع القبيلة من كثر مسح الجوخ… عندها يكون راس أكبر شيخ بسعر قرقورة من الغنم… فهمتي يا بنتي !!!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى