تقوية صلاحيات مجالس المحافظات..إضعاف لمفهوم نائب الخدمات

تقوية صلاحيات مجالس المحافظات..إضعاف لمفهوم نائب الخدمات..رؤية تحليلية.
ا.د حسين محادين
.
(1)
فرحت كمتابع في إقدام الحكومة على سحب مشروع قانون الادارة المحلية من مجلس النواب لتعديلة وزيادة نسب تمثيل النساء في المجلس ربما، والعمل ايضا على خلق نوع من التوازن في صلاحيات مجالس المحافظات والمجالس البلدية كما صرح احد الوزراء..وهذا خطوة عامة طيبة للآن..وبأنتظار نشر جوهر ومواد مشروع القانون المعدل الذي مازال غامضا للآن..ومن بعد معرفة حرص اعضاء مجلس النواب على مناقشته بتان وانحياز تنموي لمحافظات الوطن خارج العاصمة عمان الحبيبة
(2)
وبناء على قانون مجالس المحافظات الحالي، واليات العمل فيها، أود القول بانه ،لا يوجد رابط قانوني وميداني واضح بين مبرر قيام فكرة وعمل مجالس المحافظات وهو تخطيطي ومتابع فقط لتنفيذ المشاريع التي يقرها من ميزانيته ؛ وبين قانون وعمل البلديات التنفيذي والخدماتي اصلا؛ لذا كان التعاون بينهما على مدار الثلاث السنوات الماضية متفاوتا بين محافظة واخرى، خصوصا وان كل منهما يتمتع بشخصية قانونية مستقلة ووصف وظيفي مختلف عن الاخر..على اساس تنوع الاختصاص بينهما وتكامل الاداء التنموي الاشمل ضمن كل محافظات الوطن.
(3)
ان فكرة زيادة تمثيل اعضاء مجالس المحافظات خصوصا للمرأة كما علمت جيدة جدا؛ لكن على الحكومة كمُقدِمة وساحبة معا لمشروع قانون الادارة المحلية من مجلس النواب الانتباه ايضا الى ما هو آت،والذي اطرحه هنا استنادا الى واقع معايشتي لريادة مجالس المحافظات التي اطلقها ويدعمها جلالة الملك كأساس، وكعضو في احد هذه المجالس وكباحث اكاديمي في تخصص التنمية اقول الانتباه لطفا الى ما هو آتِ :-
أ-ان اعداد اعضاء مجالس المحافظات
“اللامركزية” في دورتها التأسيسة الاولى الحالية، لم تكن من ابرز التحديات التي واجهت وابطأت بالتالي مسيرة واعمال هذه المجالس ؛ ولكن طبيعة افرازات صندوق الانتخاب كتجربة اولى واعدة، ونتائجها ممثلة بمعظم الفائزين -مع الاحترام للجميع – قد عاشت وما زالت ضبابية في فهم مبرارات قيام هذه المجالس ما ادى الى تداخل ادائهم الفارق عن فكرة وطبيعة عمل هذه المجالس والطموحات المرتجاة من أنشأها ، ما جعل جُل اعضاء المجالس يعتقدون ويمارسون انحيازهم لمناطقهم الجغرافية اولا، على اساس ممارسة عقلية الكِسبة من مخصصات محافظاتهم ،او تقليدا لممارسات النواب التي سبقت قيام هذه المجالس التي ترسخت في الاذهان والوجدان الشعبي الاردني فغدت جزء فاعلا في ثقافتنا كأردنيين، واقصد ما يُعرف بنائب الخدمات وليس نائب التشريع والرقابة كاصل دستوري، فهذا النوع من الفهم الخاطىء لدور للنائب الذي كان يبتز الوزراء والمدراء العامين في الهيئات المستقلة في عمان كي يُرضي ناخبيه في المشاريع او التعينات المحدودة لابناء منطقته ، إذ لاحظت هذا التقليد في مجالس المحافظات لدور نائب الخدمات، وكان يتم ايضا في هذه المجالس وبدرجات ولاسباب انتخابية محضة، إما بالتوافق بين الاعضاء المنتخبين بالمعنى المناطقي، او التغاضي ضمنا عن فلسفة وجوهر فكرة وتنظيم المجالس المتمثلة في ان تكون ويجب ان تبقى بايماني العقل المتقدم تخطيطا ومتابعة لاوجه رصد واقرار المشروعات التنموية المدعمة بالدراسات العلمية المستندة الى عنصري الاستدامة والتنمية في اي منطقة ملائمة لمثل هذه المشاريع ضمن اي جزء من المحافظات؛ حيث يفترض ان يتم ترجمة هذا الفهم الاساس عبر اليات تخصيص علمي ودراسات مستفيضة لأجزاء من ميزانيات كل محافظة حسب الاولويات التشاركية بين المواطنين في كل مناطق المحافظة وبالتوافق مع المجلس التنفيذي كذلك .
ولاننسى التحديات الخدماتية الاخرى التي تواجه عمل وتفعيل ادوار هذه المجالس؛ مثل عدم وجود فريق استشارية هندسية ومالية وتنظيمية ضمن كوادر هذه المجالس، وعدم وجود مقرات مستقلة لها ايضا ترابطا مع تدني المكافآت الشهرية للاعضاء خصوصا من يمثلون مناطق نائية ويتحملون نفقات اضافية كبيره وكل هذه التحديات بحاجة الى تذليل كي تنمو وتنضج هذه التجربة الواعدة بالكثير كما أؤمن.
(4)
* أن هذا الطموح التشريعي التنموي المُميِز لفكرة ومهام مجالس المحافظات عن غيرها والمختلف حُكما عن اعمال المجالس البلدية المعروفة، او حتى الاتحادات المنتخبة الاخرى ، يتطلب اولا نوعية مؤمنة من اعضاء المجالس المنتخبين والمعينين ان بقيّ هذا التعين قائما في هذه الريادة النوعية للمجالس وبالتالي يستلزم تعديل شروط الترشح لهذه المجالس ايضا.
* ويتطلب الواقع الجديد للمجالس امتناع الحكومات المتعاقبة والقادمة عن تقليص ميزانيات هذه المجالس كما حصل في اخر ثلاث سنوات من دورتها الاولى.
* على الحكومات وصناع القرارات الوطنية والأمنية تنمية واجراءات، الايمان الناجز ان دعم ونجاح مجالس المحافظات مهم جدا للدولة الاردنية ،ما سيخفف الاعباء والتكاليف المالية والنفسية على المواطنين خارج العاصمة عمان، جراء توفيرها كمجالس ان دعمت لفرص عمل بالضد من البِطالة العالية والفقر الواسع في معظم المحافظات من جهه، ومن جهة متممه انما يقود الى نوع من العدالة في توزيع مكتسبات التنمية وبما يقلل من حجم الهجرة الى العاصمة والمدن الكبرى، الزرقاء واربد مثلا.

اخيرا..
ان تقوية وتطوير قانون اللامركزية ان تم فعلا؛ انما يعني حكما ان يتفرع السادة النواب الى مهامهم الرقابية والتشريعية فقط كما حددها الدستور الاردني وهذه خدمة وطنية للجميع لانها قد تحررنا راهنا وفي المستقبل من مفهوم خاطىء بقي سائدا لعقود ألا وهو “نائب الخدمات”.
كما اتمنى ان يتضمن مشروع القانون المعدل ايضا ألاليات الدقيقة لحدود وطبيعة نقل وليس تفويض صلاحيات الوزراء والامناء العامين الى المدراء الميدانيين لكل وزراة في المحافظات..ما يسارع في تقديم الخدمات الافضل للمواطنين، وتقليل الكلف المالية والمُدد الزمنية لانجاز المعاملات الرسمية والمشاريع المختلفة في كل محافظة؛فهل نحن فاعلون..؟.
* عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى