تسريبات الفساد الإداري في مؤسسة تعليمية بين الواقع والوهم / نور الدويري

تسريبات الفساد الإداري في مؤسسة تعليمية بين الواقع والوهم

إستقراء في ظواهر الإعلام الرقمي ونماذج الإشاعات والحقائق في تشكيل الرأي العام.

كتبت _ نور الدويري

تداول نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي تسجلين نُسبا لرئيس جامعة حكومية حيث تناول التسجلين خرقين قانونيين صادمين بحق المجتمع الأردني، وبصفة إعلامية لا يحق لي نقد الواقعة طالما أنها غير مثبته قضائيا ولا يمكن إلا أن أقف بصفة محايدة للواقع، لذا سأتحدث عن الواقعة بشكل مهني وعن الوضع بشكل عام.

مقالات ذات صلة

تؤكد التسجيلات المنشورة إلى مكامن قوى وضعف مؤسساتنا الحكومية والتي تثبت حقيقة الفساد الإداري المدقع وأثره العميق في الأفراد العاملين فيها والمستفيدين من خدمات المؤسسات العامة.

لاسيما أن لغة الإبتزاز ولغة الأمر باتت تشكل شكوى لدى عدد من العاملين مما تسبب بتوسع التنفيعات، حيث تشهد مسؤولا بأدنى درجات الأهلية يستلم منصبا هاما ثم يبدأ مشوار السلطة التنفعية وإستغلالها على أكمل وجه.

لا شك أن هذه الرواية لم ولن تكون الأولى ويبدو أن الجميع الآن يقر بوجود الفساد الإداري وبهرم المؤسسات العامة كما في تسلسلاتها وبصفة مهنية جادة فلن أقبل التعميم بالمطلق على مؤسساتنا العامة وحتى الخاصة لأن الصحيح موجود كما الخطأ ، لكن يجب الإقرار أن ظاهرة رئيس الجامعة محور نقاش الرأي العام أيا كان حقيقتها فهي مثال لمجموعات أحتلت مناصب حساسة تحكمت بأرزاق العباد حتى أفسدت العيش الكريم ووسعت الغضب العام على فاعلية ومصداقية المؤسسات العامة بالعموم.

من جانب مظلم أخر لاشك أن هذه الظرفية والتي قد تُثبت قضائيا بعد عرض التسجيلات على مختصين في السلك التحقيق الجنائي والإلكتروني تؤكد على نقطة ضعف أخرى وهي وجود أفراد يتعرضون للإبتزاز ومخالفة القانون للحفاظ على أرزقهم المفتوت على بطون البنوك في وطن تهالكت فيه مظاهر الإيجابية وتمركز فيه بطولة مثلث إجتماعي ينخر بكافة الأنساق الإجتماعية في الأردن والتي تتمثل في ( الخطاب التربوي المشوه، الإحباط العام، سوء إستغلال وسائل التواصل الإجتماعي) .

ولا يجب إغفال نقطة ثالثة مظلمة تحلق كطير جارح فوق مؤسسات تعليمية وطنية تنزف أثر خروقات متنوعة فهذه المؤسسات يفترض أنها تمثل وجها إستثماريا للوطن ومثل هذه القضايا تزيد تشويه صورة نمط إستثماري يحاول الأردن الإبقاء عليه، فكم من الإخوة في الإقليم سيسمعون عن هذه الأحداث في جامعاتنا سيغير فكرة إرسال ابنائه لدراسة لدينا، وكيف سيُعاد النظر ببرامج التبادل الثقافي الدولي مما سيسبب خسارة إضافية تقسم ظهر الإقتصاد الوطني .

من جانب اخر ظهور التسجيلات بعد أربعة سنوات تؤكد أن النقم على مستغلي السلطة و/او محاولاتهم و/او تصفيتهم سيقود بالنهاية إلى تصفية حسابات تثير الفزع فلنفترض أن مسرب التسجيلات صادق بإعتبار أن هاتفه سرق منه قبل بضعة شهور فعلا، لكن هذا التسريب يؤكد أمرين لا ثالث لهم :
اولا : قلق الأفراد العاملين في مؤسسات تتعرض أو قد تتعرض للفساد الإداري ورغبة هؤلاء الأفراد في الباطن بحماية ذاتهم وأبواب رزقهم فهم بالمحصلة بلا حيلة إلا الإنصياع لأنهم قد يواجهون النقل التعسفي أو الفصل أو إنهاء الخدمات مما يجبرهم إلى حفظ مذكرات أو تسجيلات أو صور تحميهم من غدر مفاجأ وربما رغبة بتصفية الحسابات وكلا السببين وجهين لعملة واحدة .

ثانيا : حتى لص الهاتف بكل جرمه أن ثبتَ وجوده فهو يؤكد أن حتى ذلك الصغير المعاقب قانونيا أنصدم من هول التسجيلات ولم يرى سبيلا إلا إعادة نشرها للعلن المصاب بإنهاك ووهن نفسي قاسي إثر الوضع المزري الذي نسقط نحوه خلف كرة ثلجية تزيد حجما يوما بعد يوم .

بصفة باحثة إعلامية وعاملة بالإعلام العام لابد أن نشير إلى الخسارة الإدارية التي تواجه مؤسساتنا العامة والخطاب الإستفزازي الملقن والتتفيعات وشطب حياة الأفراد المهنية والذين يشكلون خطرا على كشف محذورات أو تجاوزات قانونية فكم دكتور محاضر و/أو عامل في مؤسسة عامة ما خسر وظيفته و/او انهي مستقبله المهني بشكل مفاجئ إثر تقارير مزيفة كتبت فيه كما حدث في تسجيل أحد موظفين تلك المؤسسة، وهذا يثير تساؤلا يجرح الكبرياء، ترى ما مصير هؤلاء؟ .

وكم من المورد البشري الذكي والريادي سنحطم أحلامه بدفعه إلى تشويه السمعة بقصد أو غير قصد ونحن في مجتمع مدني الصفات، ديني الجوهر، واعي لما يجري حوله.

اليوم غضب أهل محافظة ما وأمس كذلك وربما غدا بسبب تسيب هؤلاء وتنفعهم لصالح ديناصورات تم إختيارهم أولياء نعمة علينا في زمن دقيق من حياة المملكة الأردنية الهاشمية وجب فيه وضع النقاط على الحروف ورفض هذه التجاوزات وهذه الخروقات، ففي كتاب التكليف السامي الاخير جاء التأكيد على حفظ ارزاق الناس وعلى بناء الاعتمادية على الذات وما يكفل شروط العيش الكريم والعدالة والنزاهة ليزهو الوطن ويخرج من همه رافعا الرأس فنعيش كلنا بخير .

وهذه كله سيعني إنفعال إضافي على المنصات الإفتراضية تفرض طوقا على كل ألوان الإستقرار الوظيفي والمستقبل المهني وترفع منسوب إحتياط الغضب لدى الشعب وقد يدفع بتشكيل رأي عام قد يُفقد يوما السيطرة عليه! .

وإذا درسنا بمهنية ردود أفعال الجمهور العامة مع هذه القضية وحللنا آثارها لابد أن نعي عدة توصيات:
١_ توقف العمل بمركزية التوظيف في المناصب العليا.
٢_ توقف ربطها بديوان الخدمة وربطها بالنشر العام على غرار العطاءات الحكومية وتشكب كل مرة لجنة من رحم السلطات الثلاث تتغير عند كل وظيفة قيادية عامة وحسب الإختصاص .
٣_ تفعيل أداة التحكيم في ديوان المحاسبة فلا تكتفي بعرض تقاريرها وكتاباتها بل بإتخاذ الإجراءات الفورية .
٤_ توسعة صلاحيات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد .
٥_ إنشاء وحدة إعلامية ضمن مكتب وزير الاعلام و/أو ضمن هيئة الإعلام المرئي والمسموع تدرس ردود فعل الجمهور وتراقب تسرب المعلومات خاصة التي تصل لنشطاء غير مؤهلين لتشكيل و/أو قيادة الرأي العام وخلافه .
٦_ أن تعرض محاكمات الفساد الإداري علنا و/ أو يدعى لها مجموعة من الإعلام الرسمي والخاص لتغطيتها .
٧_ فتح ملفات كل من تم إنهاء خدماتهم او توقيفهم أو كتابة تقارير فيهم بانتهاكات و/أو أخطاء لمراجعتها من قبل لجنة محايدة، فكم من بيت مستور أغلق بسبب الفساد الإداري!.

أعتقد ان تعاظم المخالفات العامة وسوء إدارة العديدين والتلاعب بأرزاق العاملين ومحاولات تشويه سمعات العاملين والمستفيدين ففي مثل هذه الحالة شهدنا محاولة تشويه طالبات أردنيات اثار حفيظة غير مسبوقة، مما يثير تساؤل إضافي عن فقدان طعم النخوة الحقيقة والخوف على الأعراض .

مؤية ثانية مقبلة وقلق يلوي القلب ويثير العقل مستهجنا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى