بيد الله، كل قلب وكل حلم

بيد الله، كل قلب وكل حلم

سناء جبر


لا أدري كم يحتاج الإنسان من الوقت والجهد كي يعود كما كان؛ بقوته وشغفه وأحلامه وضحكته واجتماعيّته وحبّه للآخرين المحيطين به، كم يحتاج من الوقت كي يقف أمام المرآة ويرى نفسه التي اعتاد عليها بدلًا من ذلك الذي يراه، يشبهه ولكنه أبدًا… ليس هو… أعلم جيدا أن الخسارات كثيرة، وأن خسارة “الدافع” تطفئ لمعة العينين وتؤلم القلب وتجعل عقلك لا ينفك عن سؤالك نفس السؤال في كل مرة:”هل كل ما بذلته من جهد ذهب هباء منثورا؟ هل أنت متأكد أن هذا هو ما حلمت به؟”
أعلم تمام المعرفة أن الخسارة كلما كانت أكبر تركت أثرًا أكبر وكان النهوض والوقوف على قدميك مجددا يحتاج جهدا أكثر ووقتا أطول كتحصيل حاصل لا مجال للنقاش ولا للجدال فيه… ولكنني أعلم جيدًا كذلك أنك ما دمت تحاول، ستنهض وتقف من جديد، وستمر هذه الأيام وأنت أقوى وأشدّ عزمًا وأقوى بريقًا ولمعانًا، أعلم أن هنالك صوت في داخلك يخاف النهوض مرة أخرى كي لا يرى الألم ذاته، وصدى صوت آخر خفيّ يتساءل مستنكرًا: “كيف لهذه الأيام أن تمضي؟ لقد مضى وقت وأنت هكذا في مكانك؟ هل حقا ستمضي وأنت قابع تفكر في اللاجدوى؟ تغرق عقلك في الفراغ القاتل المميت؟ والجواب في قرارة نفسك لا يفتأ يكرر رفضه للانهزامية والاستسلام: سأبدأ من جديد وسأكون أنا.”
تذكر جيدًا أن هنالك أيام أخرى مضت ألقت بثقلها على كتفيك وكان ثقلها ذا وطأة فكانت أشبه بالنوازل التي إن أصابت العبض أوهنتهم وأثخنت فيهم الجراح ولم تقم لهم قائمة. آلمتك تلك الذكريات حتى اعتقدت أنها لن تمضي وشعرت أنها بلا حل ولا نهاية متوقّعة… إلا أنها بإذن الله أولا وبعزيمتك وإصرارك ثانيا… مضت وأشرق صباح يوم آخر وعدت أنت أنت … كما عهدت نفسك إن لم تكن بصورة أفضل من السابق … ورضًا أكبرعن حلمك وهدفك وكينونتك … فكّر مليّا: تتذكر هذه الأحداث حق التذكر؟
أعلم أنك ستقف بقوة وجأش من جديد، ومن كانوا سندًا لقلبك يعلمون جيدا ما تمرّ به ويؤمنون بك دون أن تتحدث أو تشكو… وإلى أن يحين ذلك الوقت، أمسك بقلبك وأحلامك جيدا، ورمّم ما هدم، وأكمل طريقك من حيث قطعته أو قطعك… لن تحدث فرقًا البتة، أيهما انقطع عن الآخر أو من كان المتسبب بالإيلام، رويدًا رويدًا، ابنِ طريقك وعبّده لتصل حيث تريد وترغب وتأمل، املأ الفراغات في قلبك وعقلك وفكرك فتتضّح الصورة أمامك ويغيب الضباب وينقشع… ولا تقنط فكل قلب وكل حلم بيد الله… بيد الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى