“بث” مباشر


“بث” مباشر
يوسف غيشان

في مرحلة ما يسمى بالطفولة، لم تكن جميع ألعابنا مفرحة، إذ كان ينتهي بعضها بإيذاء الآخرين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أذكر لكم واحدة من #الألاعيب_المؤذية التي كانت متداولة في حارتنا.
#اللعبة سهلة، أسهل من سرقة الرضّاعة من فم طفل، كل ما عليك هو أن تكون في مواجهة زميلك الذي لم يتعرف على اللعبة بعد، وتقول له:

  • احكي” شجرة بث”
    فاذا قال “شجرة بث” فهو مضطر في نهاية الكلمة أن يضع طرف لسانه بين أسنانه (جربوا ذلك للتأكد، ولا تخافوا……. أنا بعيد عنكم).
    وما ان يلفظ العبارة، حتى تستغل أنت الفرصة، وتضرب طرف ذقنه بيدك من الأعلى إلى الأسفل. فيعضّ الآخر على لسانه ويشخر ألما، بينما أنت تشخر ضحكا عليه مع الأطفال الآخرين.
    مشكلة هذه اللعبة أنها تصلح لمرة احدة ثم لا تعود تنطلي على ذات الطفل مرة ثانية، إلا إذا كان أهبلا.
    كبرنا وكبرت معنا اللعبة وصارت تقوم بها #الحكومات، وصرنا نتعرض لعضّ أنفسنا المرة تلو المرة (أحيانا من ذات الطفل-الحكومة) دون أن نتعظ أو نتعلم بالمحاولة والخطأ، على الأقل. ودون أن تذكّرنا ألسننا المدمّاة بأننا في طريقنا إلى قصها بأسناننا ذاتها.
    لم نتعظ من (بث) الحكومات قط، مؤسسات #المجتمع ومقدرات الدولة -بيعت بلا ثمن تقريبا-، وكل ما كنا نملك أن نفعله هو أن نشخر ألما بعد كل بيعة. وها نحن نرهن النفط والماء والكهرباء لحكومة عدوة، شاء من شاء وأبى من أبى. ولا ننسى اتفاقية الدفاع المشترك (قال دفاع مشترك قال!).
    بالمشربح صارت القرطة في منتصف اللسان، قرطة قوية تقارب القطع.
    شجرات ال “بث” الأخيرة لن تكون الأخيرة طبعا.
    هل بقيت لنا ألسنة أصلا؟
    وتلولحي يا دالية.
    ghishan@gmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى