العمليات الإستعراضية / مهند أبو فلاح

العمليات الاستعراضية

مهند أبو فلاح
تحظى الهجمات المتبادلة بين الكيان الصهيوني و النظام الإيراني بتغطية إعلامية مميزة قد تفوق في كثير من الحالات حجمها الحقيقي على أرض الواقع بأضعافٍ مضاعفة على نحو يبعث على الدهشة و الاستغراب ، و يدفع للتساؤل بقوة عن مغزى هذا الأمر .

العديد من المراقبين الضالعين في هذا الملف الشائك جدا يدركون و يعون تماما أن غارات الكيان الصهيوني المتفرقة على بعض الأهداف الإيرانية في العمق السوري بين الفينة و الاخرى لن تجبر حُكام طهران على سحب قواتهم و ميلشياتهم المدجحة بالسلاح من أراضي هذا القطر العربي نظرا لمحدودية هذه الغارات و قلة الخسائر البشرية التي توقعها في صفوف الحرس الثوري و حزب الله و غيرهما من التشكيلات التي تدور في فلك نظام ولاية الفقيه .
الأمر ذاته ينسحب بشكلٍ ما أو بآخر على الهجمات التي تشنها طهران على القطع البحرية من سفن و ناقلات نفط اسرائيلية في عُرضِ المياه الدولية و الإقليمية في الخليج العربي و خليج عُمان و بحر العرب الخ ……. ، تارة باستخدام المسيرات الصغيرة الموجهة الكترونيا عن بعد أو الألغام البحرية و التي قلما توقع إصابات في صفوف أطقم هذه القطع البحرية .

الهجمات الإيرانية لا يبدو وفقا للمعطيات المتوفرة حتى هذه اللحظة الراهنة أنها قادرة على أحداث انقلاب استراتيجي في موازين القوى في منطقة الخليج العربي يفضي إلى تعطيل مسار التطبيع في علاقات بعض أقطار هذه المنطقة الحيوية بالغة الأهمية مع حُكام تل أبيب و بالمقابل فإن نفس الكلام يمكن إطلاقه في السياق ذاته على غارات العدو الصهيوني التي تستهدف الوجود الإيراني في عموم الأراضي السورية فهي أضعف بكثير من أن تجبر نظام الملالي في طهران على اتخاذ قرارٍ قطعي حاسم ينهي على ضوئه تواجده العسكري المؤثر هناك و المتوالي فصولا منذ عقد من الزمن .

لذا فإن الإنطباعات الأولية تشير بوضوح إلى أن لعبة القط و الفأر الصهيونية الإيرانية ستستمر على حالها و لن تأخذ منحىً دراماتيكيا تصعيديا مفاجئا ، و أن كلا الطرفين سيواصل توظيف هذه العمليات العسكرية المحدوة المستوى ذات الطابع الاستعراضي لاهداف تعبوية كفيلة بحشد المتعاطفين معه بشكل ينطوي على قدرٍ كبير من الخداع و التضليل للجماهير العربية التي أصبحت أراضيها و مياهها مسرحا لهذا الصراع المزعوم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى