الربيع الأمريكي الدامي..عدوى أم مشكلة إلاكراه والتنازل العولمي..؟

الربيع الأمريكي الدامي..عدوى أم مشكلة إلاكراه والتنازل العولمي..؟
أ.د حسين محادين

(1)
علميا؛ من منظور علم الاجتماع السياسي ؛ ما يحدث في أمريكا هذه الأيام هو ربيع امريكي دام ِ وآخذ في التصاعد والانتشار في الكثير من الولايات الامريكية بقيادة رئيس مضطرب الشخصية والقرارات معا هو ترامب وخلال فترة وجيزة ؛ فهذه الصِدامات اصبحت بما يشبه العدوى الاحتجاجية المتنقلة خارج ولاية مينيابوليس التي انطلقت منها إلى ولايات بعيدة وهذه احداث لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل قرون ربما.
(2)
لعل ابرز التفسيرات السطحية التي تُعزى إليها قيام هذا الربيع الأمريكي الموجع في أكبر واقوى دولة راسمالية تقود العولمة منذ عقود باجتهادي, القول بأن السبب بذلك هو مجرد قتل شرطي ابيض لمواطن أمريكي أسود كما يُزعم بسذاجة؛
فعلميا وسياسيا لا يمكن رصد وتحليل من قِبلي هذا الربيع بعيدا عن ما هو آتِ :-
1-وجود احتقانات متعددة الرؤوس وذروتها اقتصادية متصاعدة”بطالة،
تراجع في التجارة مقارنة بالواقع في الصين..الخ قبل هذا التاريخ تحديدا، وهذه المعطيات ُتمثل جزءً من أزمة بنيوية للنظام الرأسمالي الامريكي المعولم بقيادة رئيس امريكي مضطرب فكرا وقرارات ايضا؛ وخير دليل على هذا الواقع المرّ والمُستنتج ظهر بجلاء مع وبعيّد اندلاع جائحة كورونا وخسائرها الصحية والأخلاقية لأمريكا اولا تجلى في الكيفية الرديئة لتعامل الإدارة الامريكية مع مرض كوفيد19 وفقا لنظرية القطيع ما نجم عنه وفاة الآلاف من الأمريكان ما عمق الفجوة بين المواطنيين الأمريكان واداردتهم التي بدأت بخسارة رصيدها الانتخابي عبر فوز منافس الرئيس الأمريكي وليس بعيدا ايضا عن الانحياز المطلق للإدارة الأمريكية لليمين الإسرائيلي المحتل، بما في ذلك الموافقة الضمنية ولأسباب انتخابية على ضم اسرائيلي نيتنياهو الأغوار الاردنية مع ملاحظة أهمية ودور الصراع العربي الإسرائيلي في فلسطين وعليه ضمن الصراعات العالمية برؤوسها عناوينها المترابطة إقليميا وعالميا .
2 – الصورة الذهنية المتنافرة بين تصور كل من الأمريكان البيض نحو الأمريكان الأفارقة ، فبالرغم من مرور قرون على استقلال أمريكا وما حملته ايدلوجيتها الفكرية الرأسمالية المدعمة بقيم “المواطنة” لسكانها كما يفترض، وبغض النظر عن خلفياتهم التاريخية أو حتى معتقداتهم الدينية والدنيوية
ماداموا امريكان ومنتجين حسب القانون الامريكي .
3- ازياد حضور وتأثيرات الصين الموازية والمختلفة عن الايدلوجية الامريكية المعولمة كقطب اقتصادي وتكنولوجي وطبي نجحت فيه الصين ويندرج مميز يجمع بين الاستفادة القصوى من حرية المنافسة للصناعات الصينية التي أتاحت لها العولمة سرعة وسعة تدفق البضائع في كل العالم من الجهة الأولى. ومن الجهة الثانية أبقت الايدلوجية الصينية على مهابة القطاع العام والسلطة المركزية الحاسمة كجزء من صفات الأنظمة الشمولية تاريخيا، بدليل سرعة ونجاح تعامل وغموض كيفية تعامل الصين مع جائحة الكورونا ، وما إصرار الرئيس الأمريكي على تقيد ومحاصرة تجارة الصين مع أمريكا والعالم ، وما انتقال الصراع بين الصين وأمريكا إلى منظمة الصحة العالمية وتوجيه الاتهامات الأمريكية إلى وتواطئها مع الصين الا دليلا مضافا على ما يمور في الداخل والسلوكيات السياسية الامريكية المازمومة داخليا وخارجيا ؛ وما الربيع الامريكي القائم والمتدحرج حاليا ،الا ترجمة ميدانية وتتويجا موجعا سبقت وهيأت الظروف الموضوعية لإنفجارالشرارة العنصرية المؤججة في الولايات المتحدة الامريكية تحت شعار موحد وهذا للفت لي من حال هنا و لكل المحتجين وهو شعار يرفعه ويُنشد به “نريد أن نتنفس” وبالتالي فأن هذا الربيع مرشح باجتهادي الى توليد مضامين وسلوكيات جديدة، لا تقل غموضا وماأسوية عن أي ربيع في حدث في دول أوروبا الشرقية سابقا، أو أي من الدول العربية ، والأهم اننا أمام تحولات بتسوية في النظام الرأسمالي المعولم قد يفضي إلى آفول دور أمريكا على صعيد قيادتها القطب الواحد منذ منتصف تسعينات القرن الماضي..فنحن على بوابة احتمالات لإعادة توزيع القوى الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية في هذا العالم المعولم..ونحن بالانتظار لأحداث عميقة وغنية …ما هي..؟.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى