الإعدام المدني

الإعدام المدني
بقلم: د.فلاح العُريني.
عندما يتجرد #الانسان من ابسط حقوقه ويتحول من مخلوق وهبه الله #العقل مناطا للتكليف الى مجرد آلة تتحرك وتبني وتهدم حسب رغبة الاخربن، فهذا مايسمى بالاعدام المدني.
ومن مظاهر #الإعدام_المدني طي حبال الفكر والابداع حول عنق الفرد بحيث تخرج انسانيته وحريته وكرامته ومبادئه بدلا من خروج الروح.. وكذلك حقنه باليأس والانهيار وفقدان #الامل في #الحياة الحقيقية التي اساسها النضال ومحاربة الجهل والعبودية والظلم والاضطهاد..
فاذا ماتساوى الموت والحياة في نظر الضحية فيكون حتما قد وصل الى مرحلة اللاعودة وانعدام التحرر، ويمكن حسابه في عداد الموتى رغم بقائه على قيد الحياة..
الاعدام المدني يُلَف حول عنق الفرد من خلال عدة حبال اهمها:
حبل الفقر والجوع الذي اخل بالتركيبة المجتمعية وجعل الفرد يتنازل عن الكثير من مواضع الاحساس في جسده وقلبه وفكره، وجعل روحه تتقبل الذل والاهانة كجزء من الحياة التي تستوجب التعايش معه..
حبل الظلم وانعدام العدالة وتصنيف الجنس البشري الى مراتب: مسؤول ومواطن، وطني ومعارض، صاحب نفوذ ومهمش، ضحية وذو حظ عظيم.
حبل العبودية وتطويع السلوك نحو ارادة الاخرين قصرا، وكسر اقلام الحرية ومحاربة الحق بالنص القانوني، وحماية الباطل بالتشريعات والاحكام الواجبة النفاذ..
فالاعدام المدني حالة تلاصق الفرد وتقتله حيا، وفيها ظلم لله ولرسوله وللمؤمنين، وفيها تعدي صارخ على حق الفرد في البقاء سعيدا، ومصادرة الغاية التي خلق من اجلها وهي عبادة رب العباد وتجييرها الى عبادة العباد والتماس شغف الحياة من جيوب الاخرين..
الاعدام المدني يتمخض عنه مجتمعا خانعا وكثير البكاء، مجتمعا يرتجف في لهيب الشمس الحارقة.
هكذا نحن اليوم، وهذا ماحل بنا من اعدامات دون ان تنزف قطرة دم واحدة، ودون ان تظهر معالم الاعدام على الجسد، فمثل هذه الاعدامات تصيبنا في مقتل اللاشعور بعيدا عن الماديات الملموسة، فتشعر بموت الضمير واختناق الروح وجرح المشاعر وانهيار الوجدان وتلاشي الكبرياء، فإذا مافقد بني البشر كل هذا فماذا يبقى منه غير اللحم والدم.
مؤلم مايحدث لنا اليوم في وطن نحن اعمدته وبنيانه، وطن عشقنا وعشقناه، وفي عشق الاوطان لايمكن الحديث عن حب من طرف واحد، فالوطن لم يركل عشاقه يوما، ولكن كل مافي الامر ان عناصر الشر ابعدت الحبيب عن محبوبه قصرا..
فيروس المتنفذين لا مبدأ ولادين، فيروس بلا ضمير، فتك بنا يا الله، انه الوباء الذي لاعلاج له ولاوقاية منه الا بالتقرب اليك الهي والبكاء في حضرة الوهيتك لتخلصنا مما نحن فيه..
نكذب ان قلنا بقي فينا روح او بقي فينا احساسا يتكلم، فهذه ليست دعوة لليأس والخنوع، بل هي ترحيب بكم في محراب الله، فالظالمين الان اشد قوة واعظم بطشا، فهم من وضعوا القانون وهم وحدهم من يملكون حق تفسيره وتعديله وتطبيقه، بيدهم كل شيء وباقدامهم يركلون ويدعسون اي شي..
انهم الجبابرة في الارض، وليس للجبابرة من قاهر الا الموت..
اللهم اقهرهم وحرر ارواحنا واجسادنا وضمائرنا مما لانستطيع البوح به الا اليك..
انت العالم بما نقول وبما قيل وبما سيقال، لكننا ضيوفك وسنخبرك يا الله بكل شيء..
انني اكتب بلسانكم، فما عليكم الا الدعاء لله، او الاستسلام لهذا النوع من الاعدام.
(لقد شنقوا احساسي بحبل افكاري).

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى