الأنصافُ في الحبِ

الأنصافُ في الحبِ

جمال الحداد

يعتبرُ فقدانُ السعادةِ ازمةُ الانسانِ في العصرِ الحديث، ويسعى الناسُ مصرين في البحث عن السعادةِ بايِّ طريقةٍ كانت، والسعادة واللذة شيئان لا يتفقان بل يَتناقضان، فاللذة تكون جسدية ومؤقتة، اما السعادة فَهي نَفسية ودائِمة، والسعادة تتشكلُ عند الانسان باتخاذِ القرار، والانسان السعيد سعادة حقيقية هو الذي يفّرحُ ويبتهجُ لفرحِ الاخرين، ولديه حب العطاء دون النظرِ لمقابل او سداد، فهو شخص يفيض من العطاء سواء كان بالنصحِ او بالعلمِ او بالحب، يقول الفيلسوف جيو ” اذا كان لديّ يدانِ فذلك لكي اصافحَ بالاولى اولئك الذينَ اسيرُ معهم في طريقِ الحياة، والثانية لكي انهض الذين يتعثرون او يسقطونَ في حياتهم”.
والسعادة هي انهمارُ الورودِ والازهارِ بالتساقطِ على الإنسانِ دونَ التسخطِ بنوع الورود، والعدو الاكبر للسعادةِ هو مقارنةُ الناسِ لبعضهم (الكره) ،وذلك يفسر بأن الشعور بعدمِ السعادة هو نتيجةُ الافتقارِ من الحب او بالمعنى الصريح سيطرة الكره على الإنسان، والكراهية هي مجرد قراءةِ سطحيةٍ وتفسيرات قاصرة وهي صماء لا تسمع، ومتعجلة لا تريد ان تتوقف، والكره نابعٌ من الانسانِ الذي لم يكتمل حبه لذاته، ولو احب ذاته لكان قادراً على حب الاخرين.
ولا يدركُ بعض البشرِ اننا جميعا مخلوقاتٌ مختلفة ومميزة، ولا يوجد قلبانِ لهما الايقاع نفسه، والعنصر الاساسي لتشكل السعادة هو الحب فكلما احببنا اكثر كلما صعدنا الى السماء وكلما كرهنا وقعنى وسقطنى في الحفر.
يتصرف الانسان وفق عضوين اثين هما القلب و العقل ولكن  الذي يقرر هو القلب والذي ينفذ اوامره هو العقل، وهذا يعني ان الطريق الى الحقيقة يمر من القلب إلى العقل.
قد تكون أقوى عقدة يمر بها الانسان و اشدها تماسكا هي عقدة الحب،  وكما ان الصلصان يحتاج للحرارة عالية لكي يشتد فهكذا الحب لا يكتمل الا بالألم، ومن المؤكد كذلك في هذا السياق على ان الحبلى لا تتألم اثناء المخاض، فإننا ندركُ انها لن تضعَ مولودها بعد ولكي تولدَ نفسٌ جديدة يجب ان يكون هناك ألم.

لا يتشكل  الحب الا على التسامي، وقد يفشل بسبب ذلك أحياناً وذلك في حال البعد عن الصدق، والتظاهر بالمثالية  قد يفشل الحب في المنتصف، فالمثالية منذ البداية هي خطيئة بل قد تكون معصية.
والانسان كائن مزدوج بفطرته، عقلٌ وقلب وقد يخدعُ العقلُ القلبَ فيكره، وقد يخدع القلب العقل فيقع بالحب.
وقد يعرف الحب بأنه الشوق الذي يعصف القلب ويُئدِبه
ويقال انه في مشاعر الحب و الكره العقل يتوقف عن العمل واذا حاول العمل تحارب مع المشاعر وقد يُهزم او ينتصر.
والمشاعر والافكار لا يتفقان في ثباتهما، فالافكار تحتاج إلى وقت من الزمن لكي تتشكل، بعكس المشاعر، والمشاعر قد تتناثر بسرعة وذلك على نقيض الافكار.
الاغلاء في الحب و عدم الانصاف فيه قد يكون من احدا الازمات التي تمر بها البشرية منذ القدم ولا زالت ،وعقل القلب يخلوا من المنطق؛ لانه اذا احببت شخصاً قد لا تجد فيه عيباً واذا كرهت شخصاً قد لا تجد فيه شيء حسناً ، وهكذا طبيعة القلوب التي تخلوا من المنطق و الانصاف، وغياب العقل عن  شيء قد تفعله قد يسبب الكوارث التي يتم الندم على فعلها.

مقالات ذات صلة

جمال الحداد
الجامعة الهاشمية / كلية الملكة رانيا للطفولة
jamalalhaddad56@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى