أيّها الواقفُ في المنتصف / كامل نصيرات

أيّها الواقفُ في المنتصف
ما بك لا تتحرّك..لمَ أنت كالجثّة الهامدة ..سنوات وأنت تقف هنا..سنوات وأنت يأتونك زوّارك من كل أصقاع الدنيا ..يسلّمون عليك و يشدّون على يديك ويقولون لك : نحن مثلك إلا إننا غير متوقفين ..! سر كي تسير الدنيا معك ..سر قليلاً كي يتغيّر العالم بك ..!
لماذا وقوفك في المنتصف وكل الطرق أمامك ..منتصفك هذا هو مفترقك ..فلمَ لا تختارُ أية درب و تمضي ..؟ هل تخاف التحالفات ..؟ كل التحالفات لأنك جامد مكانك ..وأنت القصف فيك ..! تخشى من الغرباء ..؟ الغرباء دخلوا كلّ مسامك و استحالوك خرائب يلعبون فيها غميضتهم ..؟ لا تريد أن تترك ذكرياتك ..؟ ما أكبر طيشك أيها الواقف في المنتصف ؛ أية ذكريات و الموت يحيط بك في كل نفس و في كل ريح و في كل ظلمة وفي كل شعاع شمس ..!!
صدّقني أنت بكامل حواسك ..وبكامل فراستك ..وقوّتك أنك لا تموت ..قهرك لهم أنك داخل في كل تفاصيل العالم ..في رجاله و نسائه و عياله ..أنت داخل حتى أحلامهم وهم بعيدون عنك هناك ..!
صدقني ما التقى غريب بغريب إلا كنت دموعهما ..و ما التقى عدو بعدو إلا كنت خطّتهما ..وما التقى حبيب بحبيب إلا كنت لواعج شوقهما و ترانيم لهاثهما ..! صدقني إنك الموثوق فيه و المأكول منه و المتراهَن عليه..!
أتعلم لماذا تقف في المنتصف ..؟ أتعلم لماذا لا تختار درباً و ترحل ..أتعلم لماذا أنت كل هذا ..؟؟ لأنك الوطن ..والوطن مكانه المنتصف ..والوطن يرحلون عنه ولا يرحل هو ..والوطن يتحالفون عليه ولا يتحالف مع أحد .. والوطن موجودٌ رغم أنف الوطن نفسه!.
يا أيها الواقف في المنتصف..سنشقى بك وتشقى بنا ولكننا سنشفى بك وتشفى بنا ..لأننا الداء والدواء!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى