آلية العودة للمدارس.. هل ينقصنا مزيد من الفوضى؟ / شروق جعفر طومار

آلية العودة للمدارس.. هل ينقصنا مزيد من الفوضى؟
شروق جعفر طومار

مرة أخرى، تسير الإجراءات والتصريحات الرسمية بما لا يحقق العدالة بين طلبة المملكة، وباتجاه يشكل انسحابا من قبل الحكومة وتحديدا وزارة التربية والتعليم من القيام بواجبها في ضبط إيقاع العلملية التعليمية بدرجة واحدة في القطاعين العام والخاص، والتدخل لضبط العلاقة بين المدارس الخاصة وأولياء أمور الطلبة.
يوم الثلاثاء الماضي أعلن وزير التربية والتعليم في مؤتمر صحفي عن إجراءات العودة للمدارس، تضمنت سيناريوهات مكونة من أشكال مختلفة للوام تراوحت بين الدوام الكامل، والدوام بالتناوب على أيام الأسبوع، إضافة الى الدوام على فترتين صباحي ومسائي في بعض المدارس إضافة للتناوب.
ذلك يعني أن فرص الطلبة لن تكون متساوية في الحصول على التعليم نفسه، فبالتأكيد الطلبة الذين سيحالفهم الحظ بأن تكون مدارسهم من التي تتحق بها شروط التباعد لعدم وجود اكتظاظ في غرفها الصفية، سيحصلون على دوام كامل داخل المدرسة دون أي أنقطاع، بينما سيمكث طلبة المدارس المكتظة نصف أيامهم الدراسية في البيوت وسيضطرون لدراسة دروسهم بأنفسهم عن بعد في تلك الأيام.
في المؤتمر الصحفي نفسه، وفي رد على سؤال أحد الزملاء الصحفيين حول الخلافات التي اشتعلت مؤخرا بين إدارات المدارس الخاصة وأولياء أمور الطلبة، قال وزير التربية والتعليم أن الحكومة تدرس إجراءات لضبط العلاقة بين إدارات المدارس الخاصة وأولياء الأمور.
وقال الوزير أنه سيتم الإعلان عن جملة من الإجراءات التي تحافظ على مصلحة الطرفين إضافة للمعلمين والعاملين، تضمن عدم نشوب الخلافات مجددا بين إدرات تلك المدارس وأولوياء الأمور في حال تم التحول للتعليم عن بعد كليا أو جزئيا لأي سبب كتطبيق نظام التناوب بالاعتماد على تحقيق شرط التباعد تبعا لأعداد الطلبة في الغرف الصفية.
لكن، وبعد مرور ثلاثة أيام فقط على إعلان الوزير عن سيناريوهات العودة للمدارس، وعن وجود آلية تحت الدراسة فيما يتعلق بالمدارس الخاصة، تفاجئنا وزارة التربية بالإعلان عن أن جميع المدارس الخاصة تحقق شروط التباعد بين الطلبة وعليه فإن الدوام في المدارس الخاصة سيكون دواما كاملا.
خبر كهذا ينبغي أن يكون خبرا مفرحا لنا حين نعلم أن ما يزيد على 3200 مدرسة هي مدارس تعمل وفق طاقتها الاستيعابية بشكل نموذجي من ناحية أعداد الطلبة بما يسمح لها بتحقيق التباعد الجسدي المطلوب.
لكن ما يثير الريبة هو توقيت الإعلان الذي لم يأت في نفس المؤتمر الصحفي الذي تم الإعلان فيه عن البروتوكول الصحي للمدراس وعن سيناريوهات العودة المرتبطة بالاكتظاظ الصفي، رغم أن الوزارة تقول في إعلانها إن المدارس الخاصة تحقق شرط التباعد حكما بحسب شروط تأسيسها وترخيصها.
وهنا لنا أن نسأل عدة تساؤلات: ما الذي استدعى تأجيل الإعلان عن ذلك لعدة أيام رغم أن شرط التباعد متحقق في المدارس الخاصة حكما، ويفترض بالتالي أن الأمر محسوم وبديهي؟ وإذا كان السبب في ذلك رغبة من الوزارة في التحقق من التزام جميع المدارس الخاصة بشروط التأسيس وعدم وجود أي مخالفات لاحقة بعد الحصول على التراخيص فكيف لنا أن نستوعب أنه في غضون ثلاثة أيام فقط تم التحقق من ذلك في أكثر من 3200 مدرسة في مختلف محافظات المملكة؟
نعلم جيدا أن قطاع المدارس الخاصة هو قطاع هام جدا، وهو يزيح عن كاهل وزارة التربية والتعليم حمل ما يقارب نصف مليون طالب وبالتالي فإن بقاءه وحمايته ضرورة، وخصوصا في ظرف كالذي نمر به اليوم وهو ظرف قاس وضاغط بالتأكيد على جميع الأطراف، كما أن حماية هذا القطاع يتضمن أيضا حماية العاملين به من معلمين وغيرهم.
لكن ذلك لا ينبغي أن يكون أبدا على حساب تحقيق عدالة التعليم بين الطلبة، كما لا يجوز أن يكون باستسهال الوزارة في إطلاق تعميم كهذا دون تحقق، للتخلص من مسؤوليتها في ضرورة إيجاد آلية تضبط العلاقة بين المدارس الخاصة والأهالي وتمنع اشتعال الأزمة بينهما إذا استدعت أي من الأسباب التحول للتعليم عن بعد ولو جزئيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى