شعبٌ يُعتمدُ عليه..

مقال الخميس 9-6-2016
النص ألأصلي
شعبٌ يُعتمدُ عليه..
الأيام الثلاثة الماضية على صعوبتها وطولها ، الا أنها كانت فرصة تاريخية لمن يريد أن يدرس سيكولوجيا الشعب في “باكيج” واحد..فرصة تاريخية للمهتمين وللباحثين الاجتماعيين ليعرفوا مم يتكون الأردني؟..هذه التركيبة العجيبة من الطيبة والذكاء ،البساطة والقوة، العصبية والوحدة، الفقر والكرم، التهميش وحب البلد ..كلها مخلوطة في “مولينكس” الوطن..فما تراه الا جندياً وما تراه الا مسعفاً وما تراه الا قائداً وما تراه الا معلّما، وما تراه الا وطناً أسمراً يقول أنا الأردن…فتسجد شكراً لله أن هذا الشعب يُعتمد عليه..
منذ ثلاثة أيام وأنا أتابع كل ما يكتب على صفحات الفيسبوك..لم ألمس وجعاً أقل من وجع، ولم أر وطنية أعلى من وطنية، ولم أسمع صوتاً نشازاً أو حساباً فيه تشفٍ او تأييد لما جرى في البقعة، وكأن كل الأردنيين رجل واحد لكن بــ”بروفايلات” مختلفة…فتسجد شكراً لله أن هذا الشعب يعتمد عليه…
في كل المساجد هناك ألاف المصلين الغرباء ، هناك زوارا للمنطقة ، هناك مسافرين ، ولم يحصل يوماً أن يأتي أحد المصلين ليقول لآخر من أنت؟ ولماذا أنت هنا؟ لكن عندما يلهم الله شاب عشريني ،جاء ليصلي في المسجد ويجعله يدقق في وجه غريب ، ثم يقترب منه ويسأل سلوكه المريب ، فيكتشفه،ويجتمع شباب “العدوان” أحفاد ماجد.. ويخيطون الأحداث بذكاء ثم ينقضّوا عليه ويوثقوا رباطه ..تسجد شكراً لله أن هذا الشعب يعتمد عليه…
وبرغم فورة الدم في “السليحي”، بعد إقدام الجاني على إطلاق النار على الشرطي “احمد العدوان” وتركه بين الحياة والموت ، الا أنهم لم ينتقموا منه ولم يقتلوه ولم يبادروه اطلاق النار بإطلاق نار، تصرّفوا بحكمة وبهدوء أعصاب، وبحرفية أمنية رغم ان جلهم شباب صغار سهل استفزازهم …هنا تسجد شكراً لله أن هذا الشعب يعتمد عليه…
عندما تنكشف هوية الجاني وتنشر صوره ويجرى لقاء مع والده على التلفاز..ومع ذلك تتصرّف عشائر الشهداء الخمسة بحكمة وبتقوى وبسجاياها العربية الأصيلة وإيمان لا نظير له بان: “لا تزر وازرة وزر أخرى”…تسجد شكرا لله ان هذا الشعب يُعتمد عليه..

أتمنى من الحكومة ،ومن إعلامها أن يعيد الفضل الأول دائماً لأصحابه، هذا الشعب عظيم وعظيم جدّاً، بصبره، بلحمته،برجولته، بصلابته ..في لحظة المحن تجدهم جميعاً أولاد “أب وأم”..لا تجعلوه في ذيل شكركم، لا تجعلوه “تحصيل حاصل” في خططكم ومشاريعكم…على قساوة العيش،وضيق الحال، وإدارة ظهر الحكومات لأوجاعهم ، الا أنهم ما فتروا وما خذلوا يوماً…
أخيراً ،ولتذهب كل خطابات الوحدة الوطنية بدجلها وزيفها إلى الجحيم..مقابل أن يكون جرّاح “احمد العدوان” بقعاوياً…هذه وحدها ترد على من يسأل :مم يتكون الأردن؟؟…

هذا الشعب يعتمد عليه صدقوني…فهو الرقم الأول والرقم الأخير في حراسة الوطن وحب الأردن وبقاء الأردن ..فقط أنصفوه بحكمكم!!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫12 تعليقات

  1. نعم … يعشقون الورد لكن يعشقون الأرض أكثر
    لأننا نعشق الأردن أكثر من جوعنا وفسادهم .. لاننا أكبر من فقرنا وشبعهم .. لأننا إذا ما سمعنا الآخ من أي أردني ننسى وجعنا فنكون أكبر من كل آلامنا فتمتد أيدينا لنداوي جراح الوطن
    تألمنا لفقد الأردنيين الخمسة كإخوة لنا تقاسمنا معا عشق الأردن .. وشمس الأردن .. وبرد الأردن وهواء الأردن وكنا شركاء في الصبر والألم والمصيبة … فكنا كما دوما ..نحن الأردن
    أيها الأردني … كن كما أنت .. النشمي الذي يعشق الوطن .. فلنحيا وليحيا الوطن

  2. شعب يعتمد عليه .. الحمد لله أنه ما زال هناك شباب مثقف وواعي وناضج كفاية للتعامل مع هذه المواقف
    حمى الله الاردن واهلها وشبابها

  3. ليس غريبا ان يصدر هذا الكلام من رجل محترم من امثالك وقد فهمنا كل حرف قلته ودخل القلب قبل العقل لكنني اقول لك ان كلامك كان للبعض منهم صينيا اي مكتوب باللغة الصينية وكان منهم الهماز المشاء بنميم

  4. هذا طبع الأردني أينما حل و أينما عاش في كل أرجاء العالم .. النخوه بدون أي حساب .. هيه ماركة للاردني و لا أبخس لجل الشعوب العربيه السجايا الطيبه لكن الاردني يتميّز أينما كان

  5. ابدعت وسلمت يداك …… هذا هو الأمن والأمان الذي يتحدثون عنه ……. تكاثف الشعب على حب الوطن عند المحن … باختصار الأمن والأمان هو محبة الناس لبعضها البعض ..

  6. كفيت ووفيت وأبدعت كعادتك. نعم كلنا شركاء على هذه الأرض وعلى كل منا الدفاع عن حرمتها وكل معاني الطيب والأصالة فيها. رحم الله الشهداء وألهمنا الصبر والسلوان وأكثر من الأبطال الواعين لكل ما يدبر في الخفاء

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى