الطراونة.. حتى لو إنحل الملف السوري لن يعود اللاجئون / بسام بدارين

يلتقط زوار رئيس ديوان الملكي الأردني، الدكتور فايز الطراونة، من المثقفين والأدباء ووزراء الثقافة السابقين ما هو جوهري في مضمون اللقاء عندما يستمعون إلى المنطق الرسمي للدولة العميقة، وهو يطالب بالتوقف عن التذمر والشكوى من الوجود الديموغرافي السوري في المنطقة لأنه «طويل الأمد». الإعلام، بشقيه الرسمي والخاص، تجاهل مضمون هذا اللقاء الرسمي الهام الذي عقد قبل اسابيع قليلة بمبادرة من الادارة المعنية بدعم الثقافة والأدب ومتابعتهما في الديوان الملكي.
حوار شخصية ثقيلة من وزن الطراونة مع فنانين ومفكرين ومثقفين وأدباء له طعم خاص وسقف مختلف. عدة رسائل مهمة ذات طبيعة سياسية وثقافية برزت في هذا اللقاء.
الرسالة الأهم تلك المتعلقة بطبيعة تفكير مطبخ الدولة بملف اللجوء السوري حيث إيحاءات لأن الدولة الأردنية لن توقف برامجها المعنية بتحسين الخدمات الإنسانية لمن يلجأ اليها من السوريين.
وحيث ايحاءات أخرى أهم بقبول فكرة وجود «مكون سوري» بعد الآن ليس فقط في عمق المجتمع الأردني ولكن في طبقة القرار ايضا.
الطراونة، وهو ارفع شخصية في ديوان الملك، أضاء بعض المناطق وبرزت إيحاءات بأن اللجوء السوري إلى الأردن قد يشبه في حراكه الاجتماعي النزوح الفلسطيني عام 1967.
بوضوح طالب الطراونة باستيعاب السوريين اللاجئين في المملكة الأردنية الهاشمية وتحدث عن ايقاف التذمر والشكوى، وقال مباشرة إن اللاجىء السوري سيقيم على الأقل لعشر سنوات قادمة في الأردن حتى لو تم حل النزاع في سوريا.
لم تكن تلك المفاجئة السورية اليتيمة في مصارحات وتفاعلات رئيس ديوان ملك الأردن مع نخبة المثقفين والفنانين في اللقاء النادر والاول والوحيد من نوعه منذ اكثر من 20 عاما.
بالنسبة للدكتور الطراونة المتغير الابرز الجديد في معادلة الأردن السياسية هو فتح قنوات تنسيق فعالة مع موسكو بخصوص الملف السوري، مع اشارة إلى ان روسيا اصبحت بحكم الواقع لاعبا اساسيا ومهما في المنطقة وفي الجوار السوري، وهو ما إستشرفه جلالة الملك عبد الله الثاني عندما فتح – أو أمر بفتح – قنوات التنسيق والاتصال مع موسكو بعدما زارها مرتين والتقى واتصل بقيادتها عدة مرات.
«الأردن يمر بمرحلة مفصلية.. وهناك قوى متعددة دخلت على الخط «، بهذه العبارة تحديدا وحرفيا بدأ الطراونة وهو يشرح فصل المتغير الاقليمي متحدثا عن توازنات مهمة تتطلبها مصالح الشعب الأردني.
لاحقا أشار الطراونة لوجود مشاريع سياسية اقليمية عند عدة اطراف بما فيها روسيا وايران وتركيا.
وهي أطراف قال إن لديها طموحات فيما لاحظ أحد الحضور في الاجتماع استثناء الطراونة للمشروع الاسرائيلي الطموح في الهيمنة والسيطرة، فرد الاخير بعبارة توحي بأن مشروع اسرائيل تحصيل حاصل أصلا وبأن حديثه يتعلق بالقوى الجديدة التي ينمو طموحها.
الطراونة أيضا اعترف بأن الاعلام في المملكة «سيئ ورديء ويواجه مشكلة» وبأن طبقة المثقفين يتم تهميشها، وأقر بأنه شخصيا لم يمنح وزارة الثقافة عندما شكل حكومته ما تستحق من دعم ومساندة.
استمع الرجل بالمقابل لما لا يقل عن ثماني مداخلات من مثقفين ووزراء سابقين حضروا اللقاء الصريح.
أبرز المداخلات سجلها الممثل العتيق والشهير والغائب عن الأضواء تماما منذ سنين، جميل عواد، عندما استذكر أنه شخصيا لا يواجه مشكلة لأن الملك عبد الله الثاني أمر بإعادته بطائرة خاصة عندما وقع عن الحصان خلال التصوير في المغرب.
الممثل والفنان عواد انتقد بخشونة سياسة التهميش والإقصاء المقصودة من قبل أجهزة الدولة ومؤسساتها لطبقة الممثلين والفنانين وتحدث عن إخفاق الخطاب الرسمي في الوصول للناس والتأثير فيهم.
ووجه عواد خطابه للطراونة مباشرة عندما قال العبارة التالية: «انتم لا تستطيعون إيصال الرسائل للناس ونحن من يستطيع ايصالها فيما نتعرض للتهميش والاقصاء وعدم المبالاة». لاحقا قدم الناقد الادبي والمفكر المعروف، الدكتور غسان عبد الخالق، مداخلة ذات طبيعة فكرية وسياسية واستنكر الاقصاء المتعمد وغير المبرر لطبقة المثقفين والفنانين، ليس فقط من عمليات صناعة القرار ولكن أيضا من حتى الكتابة في الصحف اليومية.
عبد الخالق تحدث عن مفارقة، فالمثقف في الأردن يأتي الدولة راكبا ويعود ماشيا وحافيا.
وشدد عبد الخالق على الأطر التي تعيق المبادرات عند أي مفكر مجد وشاب يحاول تجديد الفكر الاسلامي، وألمح إلى أن المؤسسات الرسمية هي دوما أول من يقف باسم الدولة مع الغوغاء ضد مبادرات التفكير التجديدي.
واعتبر المتحدث أن الدولة ببساطة تقف إلى جانب صفوف الغوغاء وهي تشجع التدين الشعبوي.
تعليق آخر لأحد المتحدثين انتقد فيه مواجه خطاب الإرهاب السني بصفة الخوارج تنتمي إلى نفس المرجعية الشعبوية، فهم يعتبرون النظام كافرا ونحن نعتبرهم من الخوارج وتلك نفس اللغة.
في الأثناء القى وزير الثقافة السابق، الدكتور صبري اربيحات، مداخلة مطولة تحدث فيها عن ضرورة تخصيص موازنات مالية كبيرة لخدمة التنوير ومبادرات التشديد ضد العنف والتطرف في المجتمع.
وتحدثت الوزيرة السابقة، نانسي باكير، عن تجربتها في رعاية الثقافة وفي الجامعة العربية، فيما قدمت زليخة أبوريشه مطالعة موسعة في تشخيص الواقع الاجتماعي والسياسي.

بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. طبعا لن يرجع اللاجئون السوريون الى سوريا لانه في بالأردن ……… بيتاجر بلقمة الهبايل من الشعب الأردني وبده يظل ذاللهم بلقمة الخبز ……………..

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى