الأردن يدعم الحرب ضد داعش في سوريا .. لكن ماذا سيفعل مع الحرس الثوري القابع على حدوده؟

سواليف

هل ينخرط الأردن بصورة أكبر في الأزمة السورية بعد أن التزم سياسة حذرة خلال السنوات الماضية؟ هل يصبح الأردنيون جزءاً من مشروع أميركي كبير لمحاصرة النفوذ الإيراني بالمنطقة.

تقرير لصحيفة لوس أنغلوس تايمز الأميركية أشار إلى أنه على مدار السنوات الست المضطربة الماضية، تجاوز الأردن الحرب الدائرة على أراضي جارته سوريا بسيره الحذِر على خطٍ دقيق، من خلال دعمه للمتمردين الساعين للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، الذين تدعمهم الولايات المتحدة، لكنه يتعاون أيضاً مع أقرب حلفاء الأسد، أي روسيا.

لكن التقرير رأى أنه مع اتخاذ إدارة ترامب موقفاً متشدداً تجاه الأسد وتنظيم داعش، فإنها تلوّح برفع سقف توقعاتها من عمان التي تنتهج سياسة حذرة، في وقت لم تشهد المملكة الأردنية مثل هذا القدر من تهديدات الإسلاميين المتطرفين من قبل.

صحراء الحماد

خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد أن فقد تنظيم داعش الأراضي التي يسيطر عليها بالقرب من المدن التي يُطلق عليها عواصمه، كالموصل في العراق، والرقة في سوريا، شن المتمردون الذين دُربوا وسُلّحوا في الأردن بمساعدة الولايات المتحدة، هجوماً جديداً ضد التنظيم المتطرف، فقد بدأت عملية تطهير الجهاديين في صحراء الحماد، وهي المنطقة التي تتضمن الركن الجنوبي الشرقي من سوريا.

بينما يواجه المتطرفون مزيداً من الضغط في مدينتي الموصل والرقة، تتزايد المخاوف من اتجاههم إلى صحراء الحماد. وقال طلاس سلامة، قائد جيش الأسود الشرقية، عن صحراء الحماد، إنه طريق تهريب عُرف منذ القدم، وقد أصبح خط إمداد حيوياً لتنظيم داعش.

ونقلت الصحيفة عن سلامة قوله: “لقد قاتل المتمردون هناك برفقة أفراد من القوات الأميركية والنرويجية الخاصة، لصد هجمات تنظيم داعش على موقع التنف العسكري المعزول، تلك المنشأة الزراعية التي تحولت إلى قاعدة عسكرية، التي تبعد حوالي 10 أميال عن الحدود الأردنية”.

وقد تحدث بيان للتحالف في أبريل/نيسان 2017 عن فصائل المعارضة، وقال إنها “ساهمت في مواجهة تهديدات تنظيم داعش في جنوب سوريا، وحافظت على الأمن على طول الحدود السورية الأردنية”.

وقال سلامة إن مجموعته المسلحة المكونة من 1300 مقاتل، وبالتعاون مع بعض فصائل المتمردين التي تدعمها الولايات المتحدة، استطاعوا بالفعل انتزاع مئات الأميال الممتدة تجاه محافظة حمص الصحراوية الوسطى، التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش.

قوات أميركية

برزت أيضاً بعض التقارير عن تواجد قوات أردنية وأميركية في المنطقة الواقعة على الحدود الأردنية المقابلة للجهة الجنوبية الشرقية من سوريا، التي قد تكون مقدمة محتملة لحملة عسكرية من المتمردين المدعومين ميدانيا من القوات الأردنية، وقوات التحالف.

ووفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” عن مصدر مخابرات غربي، فإن “قوات خاصة أميركية وبريطانية توسّع قاعدة التنف لاستخدامها كنقطة انطلاق رئيسية لعمليات نوعية في الأشهر المقبلة لطرد المتشددين من البوكمال”.

كما نقلت الوكالة عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن هناك خططاً قيد الإعداد لشن ضربات جديدة للتحالف على داعش في الجنوب، بما يشمل منطقة غرب مدينة درعا في الجنوب.

وحسب موقع “آر تي الروسي” فإن مصادر في الجيش السوري الحر ذكرت أنه خلال زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مؤخراً لواشنطن تم الاتفاق على إنشاء قوة بدعم 5 دول وتزويد فصائل الجيش الحر في المنطقة بأسلحة ومعدات حديثة والاتجاه شرقاً نحو دير الزور لتحريرها من داعش الذي عمل خلال الأسابيع الماضية في المنطقة الصحراوية السورية قرب الحدود مع الأردن على إعادة تجميع مقاتليه لتدعيم معقلهم الرئيسي في الرقة بعد انتكاساته في سوريا والعراق.

وكانت فصائل المعارضة السورية المسلحة انتزعت العام الماضي معبر التنف من “داعش”، وحاولت طرد التنظيم من مدينة البوكمال السورية الحدودية الواقعة على نهر الفرات على طريق الإمداد الرئيسي للتنظيم بين معاقله في العراق وسوريا، لكن محاولات الفصائل باءت بالفشل.

وتلقى المعارضون الذين يقاتلون في جنوب سوريا مساعدات عسكرية أرسلت لهم عبر الأردن، في إطار برنامج تشرف عليه وكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه”، ضمن غرفة عمليات معروفة بالموك تضم فصائل الجبهة الجنوبية بسوريا.

ويقول المعارضون إن هذه المكاسب السريعة التي تحققت مؤخراً جاءت تتويجاً لشهور من العمليات السرية، نصبوا خلالها الكمائن وقطعوا خطوط الاتصالات لإضعاف معقل المتشددين في المنطقة الحدودية الجنوبية الشرقية بالقرب من العراق، حسب موقع “سكاي نيوز عربية”.

حرب كلامية بين الأردن وروسيا وسوريا

وطلب سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، هذا الشهر (أبريل/نيسان 2017) توضيحاً من عمان، وفقاً لما جاء في تقرير لوس أنغلوس تايمز وبعد أقل من أسبوع، انتقد الأسد المملكة الأردنية خلال مقابلة بثتها وكالة أنباء Segodnya الروسية، قائلاً “إنها جزء من الخطة الأميركية منذ بداية الحرب في سوريا”.

وأضاف الأسد أن الأردن تتعامل وفقاً لإملاءات إدارة ترامب.

ووفقاً لنسخة مطابقة لما أوردته وكالة الأنباء السورية SANA، قال الأسد إن “الأردن لا يُعد دولة مستقلة بأي حال من الأحوال، وبغض النظر عما يريده الأميركيون، فإنه سيحدث، لذا، لو أراد الأميركيون استخدام الأجزاء الشمالية من الأردن في عدوانهم على سوريا، فسوف يستخدمونها”.

وأضاف: “نحن لا نتحدث عن الأردن كدولة، بل نتحدث عنها كأرض في هذه الحالة، لأن الولايات المتحدة هي من تضع الخطط، وتحدد اللاعبين، وتصادق على أي شيء قادم من الأردن يتعلق بسوريا”.

واعترضت الحكومة الأردنية على مزاعم الأسد، وقالت إنها “ادعاءات ملفقة”، وذلك وفقاً لتصريح أدلى به محمد المومني، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية، وأضاف أن المملكة الأردنية أكدت مراراً وتكراراً أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومحاربة المنظمات الإرهابية.
ونقلت صحيفة “إيزفيستيا” السورية ، عن العميد السوري المتقاعد علي مقصود قوله إن واشنطن عملياً لوت ذراع الأردن. لأنه ليس من مصلحة عمان المشاركة في أي عمليات حربية لها علاقة بإطاحة بشار الأسد، لاسيما أن تصعيد الوضع مع سوريا لن يسهم في الحفاظ على الأمن في المملكة نفسها. لكن القيادة الأردنية مضطرة إلى المشاركة فيها بسبب وجود “خلايا نائمة” إرهابية على أراضيها، التي ستعلن عن نفسها فور صدور الأوامر لها من الخارج.

ترامب هو السبب

تزايدت هذه التوترات بعد فترة من إعادة الحسابات الحذرة بين البلدين. إذ قال بعض النشطاء إن عمّان قلصت إلى حدٍ كبير من حجم دعمها للثوار المناهضين للأسد على مدار العامين الماضيين، ومنعتهم من شن الهجمات على قوات الأسد في جنوب سوريا، انطلاقاً من المناطق الملاصقة لها في الجانب الأردني.

وقال الجنرال محمود فريحات، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، خلال مقابلة أجرتها قناة BBC الناطقة باللغة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 “منذ بداية الأزمة السورية، لم نقم بأي عملية ضد النظام على الإطلاق، وقد استمرت علاقاتنا بالنظام، كما استمرت علاقاتنا الدبلوماسية بسوريا أيضاً”.

وقد اعترف الجنرال بأن المملكة الأردنية قد دربت بعض جماعات المتمردين، إلا أنه أكد أن هؤلاء المتمردين، كُلفوا بالدفاع عن الحدود الأردنية ضد تنظيم داعش وبقتال الجماعات الإرهابية في صحراء الحماد.

إيران

من جانبه ، لفت عريب الرنتاوي، رئيس مركز القدس للأبحاث، الذي يتخذ من عمّان مقراً له، إلى أن الأردن غير من لهجته خلال الأسابيع القليلة الماضية، في أعقاب زيارة العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني الأخيرة إلى البيت الأبيض، وهو ما يُعد انعكاساً للتحول في سياسة الولايات المتحدة.

ونقلت لوس أنغلوس تايمز عن الرنتاوي أنه “لا يمكن للمملكة الأردنية أن تنحرف عن السياسة الأميركية في سوريا بأي حال من الأحوال”، وأوضح أنه على الرغم من وضع الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش على رأس أولوياتها، إلا أنه بأخذ نظرة متفحصة في سياسات الولايات المتحدة، يتضح أن “تقييد إيران، يحتل الأولوية الأولى في الأجندة الأميركية”. وبالتالي يصبح السؤال المطروح هو: ما الدور الذي قد يلعبه الأردن في سياسة الولايات المتحدة مع إيران؟

وأشار الرنتاوي إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عبدالله ضد إيران. ففى مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست في أبريل/نيسان 2017، حذر عبدالله من أن إيران تحاول “إقامة امتداد جغرافي” من طهران إلى بيروت عبر الصحراء الشرقية فى سوريا بمجرد التخلص من داعش. وقال الرنتاوي إن الولايات المتحدة حاولت بدلا من ذلك ملء الفراغ المتوقع بقوات صديقة للولايات المتحدة.

داعش يرد

وقد لاحظ تنظيم داعش أيضاً زيادة مشاركة الأردن، ففي مطلع أبريل/نيسان 2017، أصدر التنظيم فيديو مدته 21 دقيقة يتعهد بشن هجمات على الأردن. وقد قام بتسليم هذه التهديدات 5 أعضاء أردنيين من التنظيم، وجميعهم من عائلات قبلية بارزة يُعتقد أنها مخلصة للأردن.

إذ قال قتيبة المجالي، وهو جهادي أشعث غادر الأردن قبل أكثر من ثلاث سنوات للانضمام إلى تنظيم داعش في الرقة: “يجب أن نضرب هذا النظام المتغطرس ونجعله يذوق بعض ويلات الحرب التي ذاقها أولئك الذين تدربوا في الأردن”.

بعد ذلك، يتحول المشهد إلى المجالي وهو يحمل سكيناً.

يقول مجالي قبل ركل أحد السجناء يزعم أنه جاسوس للمخابرات الأردنية ثم يقطع عنقه: “سكاكيننا ستحصد أعناقكم وأعناق كل صليبي في الأردن. ورصاصنا سيخترق رؤوسكم الفاسدة، فانتظروا ما لا يسركم”.

ما بعد داعش

لكن المحلل رنتاوي قال إن مخاوفه الرئيسية ليست الدولة الإسلامية، لكن ما تبقى في أعقابها. هل ستسمح القوات السورية الموالية للحكومة للثوار الذين يدعمهم الأردن بالاحتفاظ بالأرض التي أخذوها من الجماعة المتطرفة؟ كيف سيكون رد فعل الأردن عندما تتصارع القوات السورية والثوار بعد أن تخرج داعش من المشهد؟

ومما يزيد من تعقيد الوضع وجود الحرس الثوري الإيراني المتمركز في سوريا على بعد أقل من 50 ميلاً من الحدود الأردنية.

وأضاف أن “السياسة الأميركية وضعت لمواجهة كبرى مع إيران. ستكون هناك مواجهات تتراوح ما بين 4 إلى 5 سنوات، لن يدفع ثمنها الاميركيون، بل نحن. إنهم يقاتلون الآن باستخدام السوريين واليمنيين وغيرهم. آمل ألا نصبح نحن أيضاً أداة في أيديهم”.

المصدر: هاف بوست عربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى