قانون الضريبة من جديد / سلامة الدرعاوي

قانون الضريبة من جديد
في الحقيقة لا نبالغ إن قلنا إن حكومة الدكتور عبد الله النسور “سلقت” العديد من التشريعات والأنظمة والقرارات الاقتصادية بسرعة دون أدنى مستوى من الدراسة والتعمق فيها. وكأن الاقتصاد هو آخر أولوياتها وليس المشكلة الأولى بالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية.
قانون الضريبة أحد أشكال التخبط الحكومي الذي أقر بسرعة البرق من قبل الحكومة نهاية العام 2014، تحت حجة أن صندوق النقد يضغط على الحكومة لإقراره ومن ثم العمل به بداية العام 2015، وفعلا هذا الذي حدث بعد إقراره من مجلس الأمة.
الآن يجري في الكواليس تعديل قانون الضريبة بحجة أن القانون السابق لم يعالج الاختلالات المتعلقة بالتهرب الضريبي وتوسيع قاعدته.
لكن المعروف أيضا أن صندوق النقد ذاته الذي دفع نحو إقرار القانون الحالي قبل عام تقريبا، هو ذاته الذي طالب بتعديلات جوهرية على قانون الضريبة، والكل يتذكر الحوار الأخير الذي أجراه مبعوث الصندوق عدنان مرازعي مع أعضاء اللجنتين المالية والاقتصادية في مجلس النواب، حيث أشار إلى أنه من غير المقبول أن يبقى 92 بالمائة من الأردنيين لا يدفعون الضريبة، لا بل يجب أن ترتفع النسب الضريبية المفروضة حاليا على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ما يؤكد أن مستوى التنسيق بين الحكومة وصندوق النقد ليس في مستوياته الايجابية على الاطلاق.
نعم لكل التعديلات التي تحد من التهرب الضريبي، ونعم لكل التعديلات التي توسع القاعدة الضريبية في المملكة، فهذه إحدى أكبر الاختلالات التي يعاني منها الهيكل الضريبي.
أما فيما يتعلق بالزيادات الضريبية التي بدأت تلوح بالأفق وبدأ بعض المسؤولين يتحدثون عنها، وهو ما جعل الكثير من القطاعات الاقتصادية تبدي تخوفاتها الكبيرة من استجابة الحكومة العمياء الى مطالب الصندوق دون النظر بعين ثاقبة الى معضلة التباطؤ الاقتصادي الذي يعاني منه الاقتصادي الاردني، والذي لم يقم قانون الضريبة بأي دور تحفيزي تجاهه، بل على العكس ساهم مع القرارات والاجراءات الحكومية في تثبيط النمو .
المطلوب إيجاد تعديلات جوهرية على قانون الضريبة يعالج مسائل النمو الاقتصادي ويعزز التحفيز وينظر بطريقة شاملة للقطاعات الاقتصادية، ويتعامل معها حسب الواقع الذي تعيشه.
في هذا الصدد القطاع التجاري في المملكة يعيش أسوأ مراحله بسبب حالة الركود النسبي التي تحيط بأعماله، ما دفع بالكثير من العاملين به إلى الخروج من المملكة أو التلويح بذلك، وكانت الحكومة قد ساهمت في هذا الركود بعد أن رفعت التعرفة الكهربائية عليه وزيادة الضريبة من 14الى 20 بالمائة .
اما قطاع التعدين فالاسعار العالمية هوت باكثر من 40 بالمائة على منتجاته الرئيسية مثل البوتاس والفوسفات، وهو ما سيساهم في تراجع ارباح تلك الشركات اضافة الى هبوط صادراتها.
هذه أمثلة بسيطة على كيفية معاناة القطاعات الرئيسة في المملكة، وهو ما يستدعي من الحكومة الانتقال بالتفكير من منطق الجباية المباشرة إلى التحفيز الاقتصادي من خلال تخفيض معدلات الضريبة.
salamah.darawi@gail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى